حاورتها: أمنة برواضي
ليكن أول سؤال من هي سامية غشير؟
1- سامية غشّير من مواليد 03- 01- 1990 بولاية سكيكدة شرق الجزائر، كاتبة وأديبة، أعمل أستاذة بجامعة حسيبة بن بوعلي – الشّلف – الجزائر - أصدرت عديد من الكتب الإبداعيّة والنّقدية الفرديّة والمشتركة.
سؤال:
2- دكتورة لكم مجموعتين في القصة القصيرة.
- حواس زهرة نائمة.
- يكفي أن تحلم.
بصفتكم ناقدة هل لكم أن تحدثونا عن توجيهات الناقدة سامية أثناء عملية الإبداع، أم أن الناقدة تترك النقد جانبا وتستسلم لما تمليه عليها قريحتها؟
جواب:
لغة الإبداع تختلف عن النّقد، فلغة الكتابة الإبداعيّة جماليّة رمزيّة إيحائيّة، تركّز على جمال المبنى من خلال التّركيز على دهشة الصّور، والألفاظ المبتكرة، والخيال الواسع، أمّا لغة النّقد فهي لغة علميّة، تميل إلى الدّقة والوضوح، وتقوم على التّصوّر المنهجيّ، وتبتعد كلّ البعد على الصّنعة والجماليّة المبالغ فيها؛ فالعمليّة النّقديّة في تلقّي النّصوص وإعادة إنتاجها تتطلّب العمل بالمناهج والنّظريات الحداثيّة، لكن لا أخفي عليكم أمرا أنّ لمستي الجماليّة حاضرة، فتبرز لغتي الشّعريّة مرّات عند تحليل النّصوص – خاصّة النّصوص الّتي تتمتّع بشعريّة طافحة –
سؤال:
3 - لكم في النقد:
- التجربة الروائية عند بشير مفتي.
بالإضافة إلى مجموعة لا بأس بها من الكتب النقدية المشتركة.
كيف يكون الناقد حياديا في تعامله مع العمل الابداعي؟
جواب:
لي في النّقد كتابا واحدا معنونا ب "التّجربة الرّوائيّة عند بشير مفتي –
دراسة موضوعاتيّة - إضافة إلى كتب نقدية عربيّة مشتركة.
على الناقد أثناء الممارسة النّقديّة أن يبتعد عن ذاتيته، وأن يكون موضوعيّا، يتعامل مع النّص دون خلفيّة شخصّية؛ فيبتعد عن النّقد اللّاذع الّذي يضرّ بصاحب النّص، ويسبّب له الإحباط والفشل، فيدفعه الأمر إلى اعتزال الإبداع هذا من جهة، ومن جهة أخرى الابتعاد عن المجاملات القاتلة للنّص، الّتي تجمّل صورة الكاتب على حساب نصّه، فتقف أمام تطوّره وازدهار حرفه، فيشعر أنّه وصل دون جهد معتبر أو تميّز، فالنّاقد الحقّ هو الّذي يبيّن للكاتب مواطنَ الجمال والقبح، فيأخذ بالخصائص الجماليّة ويُحاول أن يثريها، ويبتعد عن مواطن القبح الّتي تشوّه نصّه، فالنّاقد الحقيقيّ من يُعيد إنتاج النّص من جديد، يسمو بالكتابة الأدبيّة، ويجمّلها بتوظيف الأدوات النّقديّة الملائمة المناسبة للنّص ولحقبة الكاتب.
سؤال:
4 - كيف يمكن تصنيف المشهد الثقافي بدولة الجزائر الشقيقة مقارنة بغيره من الدول العربية؟
جواب:
الوضع الثّقافيّ في الجزائر مقارنة بالدّول العربيّة لا بأس به حاليا، إذ شهد انتعاشا مؤخرا من خلال إقامة العديد من الملتقيات والمهرجانات، ومعارض الكتاب، لكن رغم ذلك تظلّ وضعيّة الكاتب في بلادنا سيّئة؛ إذ يُعاني من التّهميش وضياع الحقوق، وغياب الدّعم الماديّ والمعنويّ، أمّا المرأة المبدعة في وطننا ما تزال تٌعاني من التّهميش، وضعف الحضور الإبداعي والنّقدي والإعلاميّ بسبب سيطرة الكتابة الذّكوريّة على المشهد الإبداعيّ في وطننا، لكن رغم ذلك فهي تجتهد، وتُحاول إيصال صوتها، وخطّ حرفها واسمها من خلال المهرجانات والملتقيات الوطنيّة والعربيّة والعالميّة، وخاصّة مواقع التّواصل الاجتماعيّ الّتي فتحت أمامها أبواب الحضور والبروز والتّألّق، فأضحى لها جمهورها الّذي يقرأ لها، وينقد أعمالها، فمواقع التّواصل الاجتماعي اليّوم – وأكثرها الفيسبوك – أضحت الرّهان الرّابح للكاتبات من أجل جذب القرّاء، والتّرويج لأعمالهن، وحصد الإعجاب، والحصول على الدّراسات النّقدية، ولو أنّ تلك الدّراسات في أغلبها مجاملات، تخلو من الجدّية والجدّة، والمنهجيّة النّقديّة الصّحيحة. لهذا يجب على الكاتبات عدم الغرور بالكمّ الهائل من الإعجابات والتّعليقات إن لم تكن في إطارها الصّائب، بل يجب عليهن تطوير أنفسهن، ومواكبة التّطوّرات الحاصلة على مستوى الكتابة المعاصرة، والانفتاح على آليات التّجريب والرّقمنة لترقيّة أعمالهن، وتحقيق الصّيت والحضور الرّائع.
سؤال:
5 - دكتورة ألفتم كتاب نقدي " أنطولوجيا مختارات من الأدب النسوي العربي"
في رأيكم هل هناك إبداع نسائي وإبداع يخص الرجل؟
جواب:
نعم، هناك إبداع نسويّ، وهو إبداع تكتبه المرأة، لديه خصائص ومميّزات فنيّة وموضوعاتيّة، والأمر عينه مع الإبداع الرّجاليّ الّذي يكتبه الرّجل، وهو الآخر يتّسم بخصائضَ فنيّة وموضوعاتيّة تختلف وتتمايز عن الإبداع النسويّ، وإن كان يشترك معه في بعض الخصائص والمميّزات والأفكار.
سؤال:
6 - لكم عدة دراسات ومقالات تخص الرواية والقصة، كيف ترى الناقدة التطور الحاصل في السرد مقارنة مع الشعر؟ وهل يمكن القول أن الرواية أصبحت تحتل الصدارة وسحبت البساط من تحت الشعر؟
جواب:
عندي دراسات عدّة في الشّعر والسّرد، وأغلبها في السّرد الرّوائيّ، وذلك راجع لميلي الكبير لقراءة النّصوص الرّوائيّة، فالاهتمام الأكاديميّ النّقديّ بالأعمال السّردية أكثر من الشّعريّة مردّه التطوّر والتّجريب الّذي أصابها، وطرأ على الأساليب والأفكار، والبنى الفنيّة والمضامين، على عكس الشّعر الّذي لم يشهد هذه الثّورة الهائلة الخارقة الّتي عرفتها الرّواية؛ فالرّواية منفتحة، تمنح الحريّة الكاملة للمبدع للكتابة، إضافة إلى ثرائها، وغناها بالمرجعيات والأنساق الثّقافيّة، وقدرتها على ملامسة الحالات النّفسيّة، والتّعبير عن القضايا الإنسانيّة المتعدّدة.
فالرّواية اليوم أضحت ديوان العرب، وأنموذجهم الأسمى، فهرب الكتاب صوبها، ونجد أنّ بعض الشّعراء نفسهم قد هربوا من كتابة الشّعر إلى كتابة الرّواية بحثا عن آفاق جديدة، وأفكار جديدة، يغذّون بها تجربتهم الإبداعيّة؛ فالرّواية أضحت تحتلّ مرتبة الشّرف، وتحظى بالاحتفاء الإعلاميّ، والنّقديّ والأكاديميّ اليوم أكثر من الشّعر، وهذا إجحاف – في نظري - في حقّ الشّعر الّذي يظلّ أهمّ وأبرز الفنون الأدبيّة، ومكانته يجب أن يُحافظ عليها، ويجب أن يستمرّ كجنس أدبيّ قائم بذاته.
سؤال:
7 - من موقعكم كناقدة كيف ترون مستقبل النقد مع كثرة الإصدارات الأدبية؟
جواب:
النّقد الأدبيّ ما يزال عاجزا عن مواكبة الحركة الإبداعيّة النشطة الّتي يشهدها
العالم العربيّ، فنحن نشهد تضخّما كبيرا في الإصدارات الأدبيّة مقابل غياب للحركة النّقديّة المصاحبة لها، فمعظم النّقاد والباحثين ينجرفون وراء أسماء شهيرة بعينها، يترقبون مختلف إصداراتها لمتابعتها نقديّا، في حين الأسماء الشّابة تُعاني من التّهميش، وتعتيم الأفق، وغياب النّقد البنّاء، الّذي يرتقي بالنّص وصاحبه.
سؤال:
8 - في تصوركم ما هو مستقبل الثقافة في الوطن العربي في ظل تقلص دور المثقف العربي؟
جواب:
الثّقافة العربيّة اليوم تكاد تنعدم، حيث تعاني من شلل تام، وغياب وتغييب، وانعدام الأفق لتطوّرها، وجعلها تواكب الثّقافة العالميّة، فثقافتنا العربيّة موبوءة بالتّبعيّة، وتقليد الآخر، وغياب المشاريع النّاجعة على المدى البعيد الّتي تنهض بها، إضافة إلى افتقاد الدّول العربيّة إلى أساليب التّحاور والتّثاقف لمناقشة مسائل الثّقافة المهمّة، والمصيريّة، والهادفة. رغم ذلك نأمل أن تهتمّ المؤسّسات الثّقافية بثقافتنا، وتعمل جاهدة على إعادة بريقها وتموقعها بين الثّقافات العالميّة.
سؤال:
9 - كيف ترى الدكتورة سامية تأثير العولمة على الأدب العربي المعاصر؟ وفي رأيكم هل ستفرز لنا جيلا كبيرا من النقاد والمبدعين يفتقدون إلى أسس الإبداع والنقد ام انها تستخدم الأدب العربي المعاصر؟
جواب:
العولمة أضحت شرّا لا بدّ منه، فالكاتب اليوم يحتاج إلى العولمة نظرا لدورها الهامّ في خدمة الأدب العربيّ، لكن يجب على الكاتب أن يعرف كيف يتماشى معهاـ، فيأخذ منها ما يُفيده، ويطوّر كتاباته، ويتغاضى عن ما يشوّه إبداعه.
فاليوم، نحن بحاجة إلى العولمة في عمليّة إخراج كتبنا، والتّرويج لها، وفي اعتماد آليات الرّقمنة قصد إنتاج أدب عربيّ يواكب حركيّة التّجريب والتّحوّل والتّطوّر الحاصلة في الأدب العالميّ.
سؤال:
10 - ما هو المشروع النقدي الذي يشغل بال الدكتورة سامية غشير؟
جواب:
عندي مشاريع نقديّة مستقبليّة في الأدب والمسرح، تحتاج إلى الوقت والتفرّغ لخروجها إلى النّور.
نأمل أن نحقّق أثرا أدبيّا ونقديّا هامّا جدّا، وأن نكون مشكاة خير وفرح، ومحبّة وسلام للقرّاء.
أقول للقرّاء: إنّ الكتابة هي الضّوء المنير الّذي نرى من خلاله نضارة العالم، ونحقّق الأثر الجميل في القلوب والعقول.
بارك الله فيك عزيزتي آمنة على حوارك الجميل، حفظك الله وأعزّك، وزادك تألّقا، أفانين ورد وودّ.
شكرا لكم أستاذتي الفاضلة، وفقكم الله في مسيرتكم.
حاورتها المبدعة: أمنة برواضي (المغرب).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق