جمال الدين خنفري
اِسْتِحَالَةٌ
رَسَمَتْ فُرشاتُه قمراً ،ونخلةً ،وبينهما وجهَ حبيبتِه. القمرُ صارَ بدراً ،النخلةُ أينعَتْ عُذوقُها.
الوجهُ تعدّدتْ أشكالُه.
قَرَّرَ أنْ يَنسى الألوانَ.
في البدء نقول أن عنوان متن النص القصصي ( استحالة ) جذاب و مثير و قد وفق الكاتب في اختياره أيما اختيار.
و العنوان ( استحالة ) له امتداد متماسك البناء و قوي الأركان في متن النسيج القصصي و يثير في القارئ حب الفضول و رغبة الاكتشاف لواقع أجواء هذه الاستحالة و مسبباتها و نتائجها مما يدفع به إلى القراءة المتأنية و الواعية لما وراء السطور من كلمات تحمل في ظاهرها البساطة و السهولة و لكن في جوهرها الصعوبة و الغموض و التعقيد و من هذا المدخل وجب أن نسجل أن العنوان شكل ارتباطا متينا بالقفلة بصورة واضحة وجاء معبرا عن عدم بلوغ الغاية وصعوبة تنفيذها.
قصة ( استحالة ) قصة ذات بعد عاطفي حملت إشارات و رموزا بالغة الدلالة. بحيث جاءت معبرة لنا عن مدى العلاقة الحميمة التي تربط بوثاقها قلب الشاب و الذي شكل في رمز ( القمر ) بأمه و التي رمز لها بالنخلة، وكيف أنه ضحى بحبيبته التي ولع بحبها و كابد من أجل الظفر بيدها وهذا كله تحت وطأة الرفض الذي أبدته أمه لهذه العلاقة التي تجمعه بفتاة أحلامه و سعيها الدائم للحيلولة دون استمرارها،فهو يجد في هذه التضحية بحبه انتصار على النفس بنيل رضا أمه و الخضوع و التذلل تحت قدميها وهذه جنته.
لنعترف أن القصة ممتعة و هادفة والقارئ لها قد يجد نفسه يتفاعل تلقائيا مع أحداثها بكل جوارحه عبر بساط الكلمات التي حولتها إلى لوحة فنية متحركة و قد استوفى الكاتب شروط أبجديات القصة القصيرة جدا التي اشتغل عليها بحنكة و مهارة، فالقفلة جاءت في مستوى النص و مرتبطة بالعنوان بتوثيق جيد وهذا بأسلوب سلس عميق المعنى.
جمال الدين خنفري/ الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق