أعلان الهيدر

الجمعة، 24 أبريل 2020

الرئيسية ديوان "أعلنتُ عِشقِي" وقضايا الذات والوطن والإنسانية

ديوان "أعلنتُ عِشقِي" وقضايا الذات والوطن والإنسانية









كتب إبراهيم موسى النحَّاس



في ديوانها الشعري الجديد "أعلنتُ عِشقي" تقدِّم لنا الشاعرة رزيقة السعيد ((بنت الهضاب)) رؤية تقوم على ترسيخ المشاعر الإنسانية الراقية فتمزج بين هموم الذات وقضايا الوطن التي اغتربت عنه لسنوات طويلة بسبب طبيعة عملها.
نلمح اغتراب الذات كأيقونة انتشرت في كثير من القصائد، فنجدها على سبيل المثال في قصيدة "أسَافِرُ" تقول: ((وأُسَافِرُ / وأضِيعُ في طرُقاتِ السَّفر/ ومَن يفهمُ/ أنِّي أُسَافِرُ/بلا زادٍ ولا تذكار/ خريطتي وَهْمٌ على جدَارِ العُمْرِ/ وحُزني فيكَ يا حلم ُ../ سِجْنٌ أثْقلته كلُّ المنايا / وفي مفترقِ الطرُقِ / ضاعَت آهاتِي بين العابرين))
وفي خضم التعبير عن معاناة الذات الشاعرة مع اغترابها لا تنسى الشاعرة قضايا الوطن، الجزائر بلد الأحرار والمليون ونصف شهيد، ودور المرأة الجزائرية في رحلة كفاحه، بل تتسع دائرة الوطن لتشمل الأمة العربية والإسلامية، في حالة تمرُّد على ما آلت إليه الأوضاع، رغبة من الشاعرة أن يتم التغيير للأفضل، وفي قصيدة "ألوان العيد" تقول: ((رسمتُ العِيدَ .../ دمعة بُؤسٍ في عينِ طفلٍ/ وصرخة امرأةٍ في المُخيَّمِ/ وحزنَ رَجُلٍ في المُعتقلِ/ ووَطنًا عربيًّا تمزَّقَ،/ شوَّهَتهُ الفِتنُ/ الفقرُ فيه كالرِّيحِ انزرَعْ / والجهلُ فيه تجَمَّلَ/ الموتُ كأوراقِ الشّجَرِ/ ولونُ الحُبِّ فيه امتزجَ .../ بلونِ الدَّمِ الأحمرِ/ والحُبُّ على أرضِ بلادي انتحَرْ)).
لكن هذا التمرُّد الذي دافِعُهُ الحُب للأوطان، ورؤيتها الثاقبة لعيوب الواقع وسلبياته، كل هذا لم يجعلها تفقد الأمل، وكيف تفقده وهي امتداد للأوراس الأشَم، نلمح هذا الأمل في قصيدة "لحظة صفاء" حين تقول: ((حلمتُ بإشراقةِ شمسٍ/ في سماءٍ صافيةٍ / فعدتُ إلى دفاتري القديمةِ / أبحثُ عن بعضِ الرَّسَمَاتْ/ لمْ أجدْ في أوراقِي أيَّة آهاتْ/ وجدتُ دفءَ الشّمسِ/ وصفاءَها / وعناقَ الحُبِّ/ حين كنتُ أزرعُ الأُمْنِيَاتْ)).
وعلى الجانب الفني نجد توظيف لغة الحوار في قصيدة "أعطِنِي يدَيْكَ" مما يعطي للنص حيوية وقدرة على التأثير في نفس القارئ مع الصدق الفني وتقوية ملكة التخيُّل لديه.
كما نجد توظيف السؤال الذي يعكس قلق الذات الشاعرة ويثير ذهن القارئ ويدل على مدى حبها للوطن في قصيدة "سواد الليل".



جانب آخر ارتبط بالمعجم اللغوي لدى الشاعرة، وهو بعدها عن التعقيد والغموض وتركيزها أحيانًا على المعجم الشعري الرومانتيكي المتأثر بعناصر الطبيعة وتحليل العواطف الذاتية كما في قصيدة حملت عنوان "طوفان الياسمين" وتقول فيها: ((بين طوفانِ الياسمينِ/ وعبقريةِ الصَّمْتِ/ عشقتُك/ عشقًا سَرْمَدِيًّا / دُونَ علامةِ اسْتفهامٍ/ ولا تعَجُّبٍ/ ورحلتُ/ رَحِيليَ الأبَدِيَّ/ في عُمْقِ حُبِّكَ/ حتّى فقدتُ وُجُودِي/ كأنِّي في غَوْصِ بَحْرٍ/ أوْ في زمنِ الأساطيرِ/ أوْ بين أوْتار نغَمِ/ الموسيقى القديمة)).
وعلى مستوى الخيال نجد الشاعرة تستخدم الكثير من الصور الشعرية الجديدة المبتكرة، ولنتأمَّل تلك الصورة في قصيدة " بقايا امرأة" حين تقول: ((هو وَحْدَهُ اللّيلُ/ مَن يَكشِفُ سِرِّي/ ويَرْفعُ سِتارَ الخجلِ عن وِحْدَتِي/ يَرسُمُنِي على مَرَايَا الزَّمَنِ/ تائهةً شاردة)). أو تلك الصورة الجميلة في بداية قصيدة "ألوان" حين تقول: ((قدَرِي/ أنْ أرَمِّمَ الوَجَعَ بالوَجَعِ/ وأمزجُ النغمَ بالشجنِ/ وأُسافرُ بأحزانِي/ كيْ أٌلاقِيها)).
كما اعتمدت الشاعرة على القصيدة ذات المقاطع القصيرة جدًّا "الإبِجراما" بما تحمله من تكثيف دلالي وقدرة خاصة على التعامل مع اللغة، ولنُبحِر معًا في عالم الشاعرة لنكتشف المزيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.