أعلان الهيدر

الجمعة، 5 أكتوبر 2018

الرئيسية " حروف متناثرة "

" حروف متناثرة "


محمود حمدون
التقيت " حسن " بالأمس بناصية شارع رئيسي يتفرّع لعدة حارات و أزقة , كان يقف بوضعية انتباه كعسكري على أهبة الاستعداد لنازلة بسبيله إليها . هو شخص اقتربت منه سنوات طويلة, لكنيّ لا أعرفه حق المعرفة أو ربما سعيت لمعرفته و فشلت بعد مثابرة.
اعتدت مؤخرا الهرب من طريقه , لأسباب أهونها قدرته على الكلام بسرعة غريبة , تدمع عيني لحديثه وتنتابني رغبة في نوم عميق ,ثم يصحبني صداع يلازمني فترة من زمن .
ذلك المساء وجدته أمامي فعجزت عن الفرار ,أسلمت نفسي إليه لقمة سائغة , لكن على غير عادته كان هادئا صامتا , لم ينطق سوى بهمهمة ,بضعة حروف تناثرت من بين أسنانه. استبشرت بحالة خرس أصابته , اقتربت منه مرحّبا , نظر إليّ شذرا , أشار بيمينه و دلو من " صفيح " كبير الحجم كان يقبض عليه بشدة . 
= ما هذا الدلو ؟ ماذا تفعل به ؟
مدّ يده , نظرت فوجدته فارغا ,بقاعه قليل من سائل لم أتبينه , يفور من غليان شديد.!
= ساكت على غير عهدي بك ؟ هل أصابك خرس ؟ 
وضع " حسن " " الدلو " على الأرض ثم أدخل ساقيه بداخله ثم حشر جميع جسمه ببطيء كأنما يسعى للجلوس وضع القرفصاء , احتواه " الدلو " بعد جهد , لم تمر فترة إلاّ و قد ذاب بكامله كقطعة ثلج ألقيت بماء ساخن , اختفى " حسن ", بقايا ملابسه الرثة تطفو رويدا على سطحه و بضعة فقاقيع من هواء تتصاعد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.