محمود حمدون
يرانا من خلف نظارة سوداء كبيرة , يجلس واضعاً ساق على ساق , رداءه الصمت , يجلس عاقدا يديه بصورة متقاطعة على ركبته ,لا يستجيب لمناوشات الزبائن أو صراعات الروّاد حول مباراة كرة قدم أو حدث سياسي قائم .
لاحظت و غيري أن علامات امتعاض ترتسم على وجهه ,لا تفارقه حتى يغادر الجماعة في المقهى . لم يسأله أحد من أين يأتي أو إلى أين يمضي أو ما عمله .! تساؤلات كثيرة أهملها الناس ربما رغبة في تجنّبه , فغموضه و صمته الدائمين ألقيا في روع الجميع أن وراءه أمّر ما , شيء رأوه غير حميد , فآثروا الصبر على وجوده حتى يختفي .
اختفى بمعنى أنه لم يأت ذات يوم فزاد من قلق الجميع , تناثرت أقاويل عن مرض أصابه أو ربما وافته المنيّة. زاد اللغط كثيرا, فتعاظمت الهواجس أكثر بشأن غيابه ليس قلقاً عليه قدر الخوف مما وراء غيابه من شر قد يصيبنا , زاد من كآبتنا أننا كنّا نخشى وجوده بيننا , زاد خوفنا بغيابه أكثر .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق