أعلان الهيدر

الجمعة، 7 سبتمبر 2018

" صنبور مياه "


محمود حمدون
 
" عزوز " واحد من ملح الأرض , أولئك الذين يسيرون ليل نهار دون أن يلحظ وجودهم أحد , ربما يمر بجوارك , يصطدم بك , فلا تشعر به , إلاّ كما تطنٌّ حشرة تحوم حول رأسك , فتزيحها بيدك ضجراً .
تثير دهشته , ضحكات الناس , إقبالهم على المسرّات , بينما ينحدر حاله هو من سيء لأسوأ .! 
بالأمس , صحا " عزوز " مبكراً , هادئ البال , فأنشب القلق أظافره في صدره , تفاقم الخوف بداخله عندما أدار مقبض " الصنبور " اندفع الماء شلال , أمر لم يعهده , فالماء ينقطع عن بيته ساعات كل يوم ,إن عاد فقطرات قليلة تشي بأن الماء سر الحياة" , زاد عجبه , تلقّف الفرصة , استحمام حلم به منذ فترة طويلة , ثم خرج لعمله , انهمرت على أذنيه , سلامات من الجيران , الأصحاب , وجوه ضاحكة مستبشرة , نظرات دافئة تنساب ناحيته من عيون الجميع ... هناك شيء خطأ .! لا ريب في ذلك .
ولج لمقر عمله بتمام التاسعة صباحاً , ليجد الجميع بانتظاره على الجانبين .احتفاء , ثم اهتمام كبيرين لا يليق إلاّ بعظيم .
بلغت به الوسوسة قمّتها , فشمله رعب كبير , انطلق عائداً , ارتقى درجات سُلّم البيت قفزاً , اقتحم سكنه الصغير , تدوران عيناه بحثاً عن مجهول , بصبيحة أمس , كان يتدلى من حبل يلتف حول عنقه من سقف حجرته , وريقة صغيرة ملقاة تحت قدميه تحمل عبارة : لا تثق فيمن يُظهر لك وجهاً طيباً على غير عادته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.