محمود حمدون
أتاني يلهث , يتصبب عرقا زائغ العينين , كانت هيئته تثير الشفقة , فهدّئت من روعه وأسرعت بإحضار كوب ماء راجياً أن يشربه حتى يذهب روعه .
عندما تمالك نفسه سألته : ما وراءك؟
قال : أنكرني كل من يعرفني كأنني غير موجود , صحوت اليوم , مارست طقوسي المعتادة ثم ذهبت لعملي , أثناء سيري في الشارع وجدت الناس تنظر إليّ كغريب بينهم أو ككائن وفد إليهم من الفضاء الخارجي ,
تجاهلت نظراتهم , استأنفت طريقي حتى قدمت للباب الرئيسي, سألني أحدهم ,أعرفه ,كم تسامرنا وتضاحكنا: من أنت ؟ قالها بغلظة , بعد أن علت وجهه نظرة رخامية باردة .
قلت لنفسي : ربما يمعن في المرح كعادته , فسايرته فقابل حديثي بغلظة أكثر وصلت لحد الوقاحة فلما علا صوتي منكرا طريقته ,إذا بالمكان يعج بوجوه زملاء أعرفهم جميعا, فوجدت تجّهما في الوجوه , قسوة في العيون علت أصوات بعضهم بقبيح لفظ , ارتفعت أيدي محاولة النيل منيّ.
قلت : غريب ما تقول , ثم ؟
لا أدري أو لم أعد أدري ما يحدث أو ما يجب أن أفعل !, لقد عدت من فوري للمنزل بعد أن أحاطت بيّ إساءتهم , اعتصمت بغرفتي حتى أقبل الليل فرأيت أن أحضر إليك لعلّي أجد تفسيرا لديك .!
قلت : لعلها ممازحة سخيفة أسأت أنت فهمها . بدليل أني أعرفك جيدا ,أذكرك كما لم أنكرك عندما أتيتني الآن .!
= إذن فمن أنا ؟
- أنت من كان غائباً و عاد في غير آوانه , أنت من نُحّبه في الأعماق و نكرهه علانية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق