على لسانه ...ذاك الذي دُفِن الحب أمامه ، وهو حافي القدمين .
يودع الحضن الغريض الطري الحنون ، الذي كان يرتمي فيه بابتسامته المشرقة ...
ها هو يفتقــد نصيبه ، كما يفتقــد الزهر لمسة الندى ...ليقف على طريقه المتربة والمتعرجة ، يبحث عن وجوه في صورها المغلوطة . لعله يلتمس فتات الود الذي غابت إطلالته ، حتى أصبحت صورة السعادة غريبة ، كمن لا يرى في الشمس إلا حرارتها الحارقة ومن الشتاء إلا الصقيع . وأجفاني ترتفع ثم تعود في انخفاض هادئ على أنامل العز والأمان . الليلة سأغلق حجرتي بإحكام وألتف في غطائي وأتحسس قبلة على وجهها الناظر عند النوم . أخالني كما كانت تقص عليّ حكاية العجوز ، وقد حل الصباح وغادرت أذني أغاني الغدو والرواح ... وبداخلي ذلك العصفور ، الذي يتعلم كيف يرفرف بأجنحته طامعا في نظرة من علياء .. فحلول الظلام ، كمن يُطفئ النور ليُغِيب بشائر الوجوه . وخلا وجهي لهذه الحياة ، كما خلا صندوق موسى الرضيع إلى اليم يتفرس تلك الوجوه ويكتم ألمه الأليم ... ككتمان مراسيم زواج العذارى في الأرياف ، ولم تبق في ذاكرتي إلا حفنات التراب عند تشييع جثمان السعادة والحرمان ..تلك اللحظة كانت بمثابة مفتاح الأحزان .
هي طفولتي ! ..
أستحضرها في ريعان الشباب ، وترمينا الأقدار إلى حجرات شتوية في ربيع العمر . اشتقت إلى يدها التي تجوس تسريحة شعري الأسود وتمسح على ظهري المتعري في كل ليلة من ليالينا الدافئة ... لتعانقني أحلامي الصغيرة كما يعانق اللون الأبيض عروسه .. يتبع ...
بقلم رحو شرقي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق