أعلان الهيدر

السبت، 16 يونيو 2018

الرئيسية الحلقة السادسة الرداء الأخيـر !.. أستـــاذي المبجل..

الحلقة السادسة الرداء الأخيـر !.. أستـــاذي المبجل..


رحو شرقي
أجراس الكنيسة المجاورة لمدرستنا كل صباح تقرع ، للغدوِّ إلى مقاعــــدنا 
ووكذلك عند الرواح ..فتجد أمامك ذلك المربي واقفا في مكانه المعتاد ، يقاسم تلك الوجوه الصغيرة بسمتها الصباحية .. كالزارع الذي يتـفـقـد أفنانه بين حقوله شغفا وحبًا ... لكل أستاذ إطلالته المائزة على طيوره الشغوفة .
فمنهم من يملك نظرة لطيفة تخرج مع دموع محزنة اعترافا بجميل الحب لرسالته .
وشيخي السي صرصار نظرته ممتن لها ، قد علمني كيف تتفنن يدي بأوزان القصب بدل الخشب ...
أما شيخي السي هبري على وجهه نظرة الزاهد ، عندما يبث روحه في الجماد لتقتل 
منبت السهاد ...
كأنك في مملكة النحل ، كلهم كالشهد يتقاطر منه العسل ، لِيَقـتـل اليأس ويعجل بالأمل .
والسي عبد الحفيظ ذلك الفنان القدير، يفرك الجماد فيحوله إلى صورة باسمة ...وما هي إلى دقائق حتى تنظر الحياة على لوحته ، بتلك الألوان المنبعثة من أنامله الذهبية ... يتأملها بسكون ،ويتكلم بصمت ; إنها أجساده المنثورة التي تملأها روحه الجميلة ....فنراها في تمازج الصِبغات ... 
يتنهد بعمق ليسترجع الأمل ،بعد القنص وتكسر الملل ; بصيده الثمين وراء 
الكلل ... تلك اللحظة وكأن الرحمة تصارع اللعنة ...
إن الذين غادروا مدرستنا ، كما الذي انزوى إلى كهف أو ارتمى في أحضان الذئاب ....في ذلك الزمن كانت تُسلم الروح للمنابر والصفوة الأخيار واليوم تهوى إلى الضير والأشرار ... 
كانت نظرتهم إلينا بانعطاف هادئ واستلطاف جميل واستعطاف الأبوة . 
سعادتنا ترافق الغبطة وتنبت من ترابنا على أوراق التين والياسمين ، لا نستردها من وراء شاشات باهتة ; فرقتنا وتهنا في عالمها الأزرق المسموم ...
لا نعرف الحوت الأزرق ، بل السلمون وكيف يقطع الوديان إلى المحيطات ؟ ...
كيف يهاجر ويعْبُر؟ ....كيف يعود لمنبته ولا ينساه ؟..
لقاؤهم مثل تلك الطيور الجانحة التي اشتاقت إلى صاحبها الذي يطعمها القمح ويهديها السنابل ...
هي تلك الغبطة المكنونة بين طيات أضلعنا ، والتي تجعلنا نمرح بها ونعلمها 
لأبنائنا ونتمناها للجميع ... 
إن الأشجار الميتة سيبقى ثراها ينبض بالحياة .... آيات الشكر والاحترام لجميع أساتذتنا الكرام منهم الأحياء والأموات ...
بقلمي رحو شرقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.