أعلان الهيدر

الاثنين، 8 يونيو 2020

الرئيسية قصة/ الأيادي الناعمة

قصة/ الأيادي الناعمة

فضيلة معيرش




وقَفَتْ على عتبة باب الأمل للحظات والحنين يقتات من نبض قلبها ،وعداها أنهما سيجلبان لها الكثير من الألعاب والحلويات. 
تعودا السفر منذ سنوات في نفس الوقت من فصل الصّيف لزيارة عمّها المسعود القاطن بمدينة ساحليّة وتركها هي وإخوتها في البيت. نقلت نشرات الأخبار بعد ساعات من سفرهما وهما في طريق ذهابهما وقوع حادث سير ضحاياه بالعشرات أظهرت بطاقات هوياتهم أن والديها ضمن ركاب الحافلة أهلكتهم الأيادي الآثمة المفرطة في السرعة هكذا قال مقدم نشرة الأخبار. نزل الخبر كحمم بركان أحرق شغاف قلوبهم بالهلع وقسوة الفقد المباغت . تفرق جموع المعزيين وهي لا تدرك من ملامح وحش الطرقات إلا أنّه لم يلتفت لعمرها الطفولي ويترك لها فيض حنانهما..
أُخِذَتْ لبيت أختها الكبرى كنزة دون ما تفسير، اكتفت أختها باحتضانها والدّمع يزدحم بعينيها كشلال متدفق من قمة سفحه قالت: تعيشين معي حنين ستكونين طفلتي أشارت لأبنائها أنت وهم عزائي. تسابقت لفكرها محطات متفرقة من حياة عاشت مرحها رفقة أسرتها قالت ويدها الصغيرة تكفكف ذاك الدّمع السخي الصّامت المنحدر على خدّ أختها : أين أمّي وأبي والألعاب ؟ 
مرّت السنوات وهي تكتنز من أختها كنزة الصّبر، تشارف على العقد الثاني لتتورد محياها بجمال زهرات الربيع، كلّ من يراها يخالها والدتها - رحمها الله - لم تتمكن من اجتياز عتبة امتحان الدخول للجامعة ترهقها مادتي الرياضيات والفيزياء،وكأنّها وضعت في تخصص العلوم عنوة ليرهق الخوارزمي ذهنها ويتآمر عليها مصباح توماس أديسون وتفاحة نيوتن ، هكذا بررت رسوبها دون اكتراث ، كان مزاحها محببا لصديقاتها. زفرت أختها كنزة في وجهها غبطة : مرحى لك حنين من قال أمّنا ماتت حتّى صوتك يطابق نبراتها ، أغدق زوج أختها السعيد عليها مثل ما يغدق على أطفاله الصغار من تحنان وعطف حتى كبرت.
ما يحضره من قوت مبلل بعرق تعب يومه كسائق سيارة أجرة تتقاسمه العائلة السعيدة دون تذمر، يتساقط رذاذ الأمل لتزهر حدائق قلبها وإحدى زميلات الدراسة تقترحها زوجه لأخيها العسكري ،راقها أن تبالغ في زينتها لتكون أجمل عروس تتكحل العيون برؤيتها .


** تمت **

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.