أعلان الهيدر

الثلاثاء، 12 مايو 2020

الرئيسية قراءة في القصة القصيرة بعنوان ‏*عنوان مطموس* للكاتب رنيال الدمشقي / سوريا

قراءة في القصة القصيرة بعنوان ‏*عنوان مطموس* للكاتب رنيال الدمشقي / سوريا



بقلم رحو شرقي / الجزائر




نحن أمام استثناء وتمرد!
والتمرد تعبير على واقع يقيد صاحبه، من خلال قواعد وقوانين وكذلك هو رسالة لسلطة معينة، كأنه يريد القول لا سلطة تعلو فوق سلطة النص...ها كموا اقرؤوا قصتي .
ذكرني هذا الكاتب بالفيلسوف هيجل في إحدى المرات دخل على أحد المجالس وقبل أنْ يلقي بسؤاله قال : من يقدر أن يجيب ؟ سكت الجميع إلا واحد قام في وجهه أنا من سأجيب .
فقال له الفيلسوف هيجل تستطيع أن تكون كاتبا....هو يعني بقوله الجرأة والثقة في النفس .
ذكرني كذلك بــــــ هوراسيو كيروغا شاعر من لأوروغواي، كاتب مسرحي، وكاتب القصة القصيرة.
يعتبر واحداً من أفضل كتّاب القصة القصيرة في أمريكا اللاتينية على الإطلاق... حيث وضع القواعد العشر لكتابة القصة وسأذكرها لأن المقام يتسع للكثير وهي كالتالي :
- عليك أن تؤمن بأستاذية هؤلاء.
- آمن بأن فنّك قمة غير قابلة للوصول.
- قاوم المحاكاة قدر الإمكان؛ إذا كان الباعث كبيراً جداً.
- لتكن لديك الثقة العمياء في قدرتك على النجاح.
- لا تبدأ بالكتابة دون أن تعرف أين ستذهب من أول كلمة.
- إذا كنت تود التعبير بقول “الرياح الباردة هبت من النهر”، اكتبها كما هي.
- لا تقم بإضافة صفاتٍ لا داعي لها. الكلمات الملونة المتصلة بأسماء ركيكة ستكون بغير ذات جدوى.
- أمسك بأيدي شخصياتك بحزم، وكن قائدهم للنهاية.
- لا تكتب متأثراً بعواطف قوية. دع الشعور ليخبو.
- حين تكتب لا تفكر بأصدقائك أو التأثير الذي قد تحدثه قصتك.
إذن هل هناك قواعد أساسية للكتابة الإبداعية ؟ أترك الإجابة عن هذا السؤال للمتلقي .
سؤالا آخر ينتابني بعد قراءة النص من جديد، وتركه يأخذ حقه من الاختمار لأن القصة مستفزة ودون مبالغة .
ما هو الجديد الذي جاء به الكاتب؟
وإلى أي نقطة وصل إليها ؟.. أم أن الكاتب وصل إلى ما وصل إليه الأولون؟
كما يقول الناقد أ. إبراهيم نصر الله " ولكنك إذا وصلت إلى الهدف الذي تقصده، دون أن تتمكن من توسيع عرض ذلك الشعاع، وتزيد من تدفقه بحيث يغدو مشعاً أكثر، فأنت لا تفعل شيئاً غير أن تضع قدمك في المكان الذي وضع فيه من سبقك قدمه "
ثم لماذا يصنف النقاد المسرحية المعاصرة بدل الكلاسيكية والرواية المعاصرة بدل الكلاسيكية ؟ أليس هناك تمرد على القواعد التي تحمله كلمة " كلاسيكية، ومعاصرة"
الكاتب يضعنا في مقاربة بين قق و ققج وهي رسالة أيضا مادام أن الخصائص تشابهت علينا وأنهما من نفس العائلة .
وسأبرهن على قولي على سبيل المثال لا الحصر، إذا قمنا بقراءة الفصل الأول أو الثاني أو الرابع ...إلخ
كل على حدا ستظهر لك قصة ق ج مكتملة الخصائص من.... إلى القفلة المفاجئة.
من حيث شخوص القصة، هل تناول الكاتب كل الأبعاد والجوانب من جسدية ونفسية ؟
و قد وفق إلى حد كبير في تناوله لشخصية القصة وربطها بأحداث ملزمة وبطريقة ذكية حيث لا يشعر المتلقي ولا يفرق بين الحدث والشخصية وخاصة الجانب النفسي.
والتمست فطنة الكاتب في الانتقال الذكي باستعمال كلمة " الفصل الأول ...الثاني...إلخ
إن الشيء الملاحظ في نص الكاتب، أنه كان يمزج بطريقة ذكية بين أجناس متقاربة القصة ق.ج و ق.ق وموضوعهما الرواية.
الشيء الذي أفرط فيه الكاتب وهو الوصف ويا حبذا لو تكلم بضمير آخر، وغير طريقة الرصد حينها سيخرج بطريقة ذكية من التقرير في بعض الأحيان .
لماذا التقرير ؟
فالأسلوب الخبري يقيد المتلقي بين الصدق والكذب ولا يترك له مساحة واسعة لخياله.
وهنا أوجه خطاباتي إلى النص فليس من حقي مساءلة الكاتب كما يقول العالم السميائي إيكو " ليس من حق أي أحد مساءلة الكاتب بل مساءلة النص " في معنى قوله .
ومن جانب أخر ذكر التفاصيل تمهد الطريق للمفاجأة، ومن المستحيل التخلي عن الوصف في العمل السردي سواء كان في القصة أو الرواية.
وسأكون جد صريحا، و لأول مرة أقرأ نصا كهذا النص، لذلك النص هو الذي يكتبنا وقد اخترت نظرة جد بسيطة داخل هذا الفضاء المتعدد لجملة من القراءات وخاصة من زاوية قواعد الكتابة.
قصة رااائعة ومستفزة و قراءة نتواصل بها مع كل الإخوة الكتاب في الأقطار العربية وتحية إكبار و احترام للأخ القاص

.....................................................
✍ ‏*عنوان مطموس*


-الفصل الأول-

بعد أن رتب ونظم أحداث روايته جيدا، وتمكن من تلابيب فصولها؛ شرع يغزل في حياكتها حبكا وتنسيقا.
كان كلما أنهى جملة، يعود لعرض كلماتها على ذائقته حرفا حرفا كأعواد الحصير.
وصل إلى الذروة؛ اشتد وطيس الحدث المتأزم؛ سال حبر قلمه.


-الفصل الثاني-

لم ييئس؛ عاود الكر من جديد، مستعينا هذه المرة بقلم جاف.
ما إن تخطى الحمى، حتى تاه بين تضاريس السطور، وأخذه السرد بعيدا، بعيدا جدا.. إلى تشعبات كثيرة؛ ضاع بين تفاصيلها حد الغربة.
عاد ملتاعا دون أن يعقب، يقفز خائفا فوق شروخ الأحداث، مغلقا عينيه وصاما أذنيه خوفا منه على نفسه أن يسقط في فيافيه، ولما وصل إلى العنوان؛ تجلط القلم.
-الفصل الثالث-
راوده القلم الحبري من جديد عن نفسه، حاول أن يلقيه من يده، لكنه تشبث بإصبعيه دون انزلاق.
ارتعش.. وأخذ يغلق عليه مَنَافِسَ شهوته، إلا أنه أفشى غريزته على بياض رحم الماعون العاقر.


-الفصل الرابع-

استسلم أخيرا، وتنازل عن روايته، لكن هوس أفكاره المتصارعة عاد ليصرخ بدوي دون كلل، وكأنها جنية كافرة، يستحيل إخراجها إلا برقية نص من منفذ قلم.
همّ هذه المرة بأن يجعلها قصة؛ قصة قصيرة مطواعة، ليضمن عدم الضياع مجددا.
غارت مشاعره.. استنفرت..
وأوحت إليه أن بوح مطلق.. عاندها؛ كبله فؤاده وأعياه، وهيج عليه ترانيم الهيام.
فما إن شرع بشغاف القلب مبحرا..
حتى عاجلته موجة قاسية صلبة موجعة؛ كانت دون زبد.
أغرقته في قاع الذكريات وحركت كل ساكن إلا لسانه.


-الفصل الخامس-

انبرى حزنا مثل رأس قلمه الرصاص المتبقي، قلم طال عليه الزمن وهو في سبات، بعد أن أعدمت الحداثة ممحاته.
هو الآن له بمثابة المنقذ الأخير.
خر جاثيا أمامه؛ تعوذ وبسمل ليبدأ الخلاص..
لمعت كالبرق ومضة مباغتة حدثته بزجر؛ أن اقتصر..
جاهدها قائلا:
أوبعد كل هذا؟
أوعزت بكثافتها محتقنة؛ إنه النزال الأخير.
شابت أوبار قلبه من هولها.
كان الطعن بنقطة واحدة، صب فيها القلم الخائن كل رصاصه دفعة واحدة؛ كان مكسورا.
سقط فوق أوراقه المتفشية بالسواد؛ أوراق مختومة بنقطة نهاية فقط؛ أوراق لم تنشر قط، ولن تنشر أبدا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.