أعلان الهيدر

الأربعاء، 15 أبريل 2020

الرئيسية أمنة برواضي في حوار "مع الناقد"

أمنة برواضي في حوار "مع الناقد"

الدكتور محمد رحو
حاورته المبدعة: أمنة برواضي

الحلقة العاشرة من سلسلة " مع الناقد" مع الدكتور محمد رحو.

السلام عليكم دكتور: محمد رحو.
أولا أرحب بكم، وأشكركم على تفضلكم بالموافقة على الإجابة عن أسئلتي.
.
1 ـ ليكن أول سؤال، من هو محمد رحو؟ 

جواب:
محمد رحو، واحد من أبناء هذا الوطن الفسيح انحدر من جهة الشرق وتحديدا من عين الركادة التابعة ترابيا لإقليم بركان، من مواليد 1974، يقيم حاليا مع أسرته الصغيرة بمدينة بركان حيث يزاول مهامه باعتباره أستاذا في التعليم الثانوي التأهيلي لمادة اللغة العربية، القراءة بالنسبة له فعل يومي وممارسة حياتية مثلها مثل باقي مستلزمات الحياة اليومية الأخرى، وهذه القراءة بطبيعة الحال هي التي أفرزت كتابات متواضعة في مجال النقد بخاصة، يساهم بها في إثراء الحقل الثقافي المغربي.
حاصل على دكتوراه في الأدب المغربي الحديث: تخصص بيبليوغرافيا.

سؤال:
2 ـ أستاذي الفاضل لكم دكتوراه في الأدب المغربي الحديث: تخصص بيبليوغرافيا.
ولكم عدة دراسات نقدية وعدة مقالات نشرت في الصحف الوطنية والعربية انطلاقا من تجربتكم النقدية كيف هو حال النقد بالمغرب عامة والجهة الشرقية على وجه الخصوص؟

جواب:
فيما يتعلق بالنقد المغربي فيمكن تناوله من ناحيتين: الكم والكيف
فبالنسبة للمستوى الأول فلا يختلف اثنان في كونه متخلفا كثيرا عما يصدر من إبداع، فحركية النقد بطيئة لم تستطع متابعة كل ما تلفظه المطابع يوميا من إصدارات، وحتى ما تنوول منها فقد ركز على أسماء بعينها، في حين ظلت أسماء كثيرة غارقة في العتمة. وللتخفيف من هذا الشرخ وتقليص الهوة لابد من الاعتناء بجانب مغيب في حركة النقد وهو ذلك التي تشهده رحاب الجامعات، أو ما يعرف بالنقد الأكاديمي المتمثل في ما يناقش من بحوث أكاديمية في جميع المستويات ومنها الدكتوراه والماستر- أو ما يعادلهما - بخاصة التي تظل حبيسة أسوار الجامعة ولا تغادرها إلى السوق الثقافية التي يمكن أن يتغذى منها الجميع. وهذه مهمة وجب في اعتقادي أن تنهض بها الجامعة المغربية. فلا يعقل أن تمنح هذه المؤسسات توصيات بالطبع لأصحاب هذه البحوث، ولا تتوج ذلك بإخراج العمل إلى السوق.
وبالنسبة للمستوى الثاني فبكل تأكيد أن الحقل النقدي يزخر بأسماء كبيرة ذاع صيتها خارج الوطن، وتركت بصماتها قوية على الأدب المغربي، وذلك بما تسلحت به من مناهج نقدية حديثة، ورصيد قرائي ضخم، منحها رِؤية شاملة وموضوعية للحقل الأدبي المغربي. ويكفي للاستدلال على قوة هذا النقد أن يظل المشتغلون بالأدب المغربي من الجيل الحالي يتغذون من انتاجاته.
والجهة الشرقية بطبيعة الحال لا تند عن هذين المستويين.

سؤال:
3 ـ ما هو تقييمكم للحركة الثقافية بالجهة الشرقية؟

جواب:
بخصوص الحركة الثقافية بالجهة الشرقية فهي حركة يعتريها المد والجزر، ويتغير حالها من سنة إلى أخرى. فلو أثير هذا السؤال قبل سنتين أو ثلاثة لكان جوابي مطمئنا، باعثا على التفاؤل، وذلك بالاستناد إلى حجم الملتقيات والمهرجانات الثقافية التي كانت تنظم بمختلف المدن بهذه الجهة، ويمكن أن أذكر بعضها دون أن أقصد بذلك إلى الإحصاء بقدر ما أريد به التمثيل، فمدينة بركان وحدها كانت تنظم ستة ملتقيات كبرى، أربعة منها وطنية تخص الشعر والقصة والزجل وأدب الشباب، واثنان دوليان يخصان المسرح للأطفال والكبار. ومدينة الناظور كانت محجا سنويا لرواد فن القصة القصيرة جدا وعشاقها، ومدينة جرادة عرفت تأسيس ملتقى لأدب المناجم، ومدينة وجدة التي فتحت أبوابها لعشاق جنس الرواية وعرفت توالد عدد من الجمعيات الثقافية التي اهتمت بالكتاب والكتاب من خلال تنظيم أيام دراسية وأمسيات ثقافية، كما حظيت بشرف عاصمة الثقافة العربية واستضافت ولا تزال المعرض المغاربي للكتاب ومعرضا جهويا. هذا التوهج الثقافي كله تراجع اليوم فما عادت الناظور تحتفي بالقصة، ولا حافظت بركان على مواعيدها الكبرى، ولا أخلصت وجدة لمثقفيها وكتابها، ولا...ولا...فبعض الملتقيات توقفت نهائيا، وبعضها لم تحافظ على خطها وموعدها السنوي فعرفت انقطاعات، والسبب في كل ذلك مرتبط بالتمويل المادي. فما دامت هذه المهرجانات محمولة على أكتاف الجمعيات الثقافية، تقتات من جيوب منخرطيها، ومما فضل عن المجالس الجماعية التي لا تجعل الثقافة ضمن أولوياتها، وفي غياب شبه تام لمديريات وزارة الثقافة، فسيبقى الحال على ما هو عليه. والثقافة التي تعيش وضعا مثل هذا، ولا تستند إلى مؤسسات رسمية تحضنها، وترسم لها مشاريع واضحة، لا يمكن أن نطمئن إليها. وما اعتبرناه في وقت سابق كوى تتنفس منها الثقافة بهذه الجهة، بإشراف من مؤسسات الدولة وبأرصدة مالية محترمة، بعضها انطمس دون أن يحمل أي جديد مثل حدث وجدة عاصمة الثقافة العربية، وبعض آخر ما زال يضيء، ولكن يلزمه حسن التدبير كما هو الشأن بالنسبة للمعرض المغاربي للكتاب أو المعرض الجهوي اللذين ما زالا لم يأخذا مسارها الصحيح.

سؤال:
4 ـ كتاب " بيبليوغرافيا الأدب المغربي الحديث مقاربات ورؤى" أول إصدار ورقي لكم يعنى بتوثيق الأدب المغربي الحديث، هل لكم أن تحدثونا عن الصعاب والعراقيل التي يمكن أن تعترض الباحث في البيبليوغرافيا؟

جواب:
يجب أن نتفق أولا على أن العمل الببليوغرافي هو عمل من اختصاص المؤسسات وليس الأفراد، ولكن في ظل غياب المؤسسة والفراغ الذي تعرفه الساحة النقدية على مستوى توثيق الأدب المغربي وحصره، انبرى له الأفراد. والجهد الفردي كما هو معلوم معرض دائما للنقص، وصاحبه يعاني النصب، ويكابد المشاق التي يطرحها العمل اليومي للباحث البيبليوغرافي، فهو العين التي لا تنام، والجهد الذي لا يضجر ولا يبرم. ينضاف إلى ذلك شساعة المحيط الجغرافي للمغرب، وسوء أو انعدام توزيع الكتاب على ربوع الوطن، مما يقف حائلا أمام البيبليوغرافي للاطلاع على جديد الإصدارات، زد على ذلك الوتيرة السريعة التي يعرفها نشر الإبداع المغربي في كل أجناسه والتي يمكن أن تتجاوز طاقة الباحث في هذا المجال، ثم تكاليف نشر هذه المصنفات البيبليوغرافية، وهلم عنتا.....

سؤال:
5 ـ هل كان لكتابكم " بيبليوغرافيا الأدب المغربي الحديث مقاربات ورؤى " دور في التعريف بالإصدارات الأدبية والأدباء كيف ذلك؟

جواب:
بالنسبة لباكورة أعمالي النقدية "بيبليوغرافيا الأدب المغربي الحديث: مقاربات ورؤى" لم يهتم بتوثيق الأدب المغربي وحصر الإنتاج فيه، وإنما تصدى إلى جانب آخر ظل مغيبا في العمل البيبليوغرافي، وهو ما يتعلق بنقد النقد البيبليوغرافي أي مقاربة تلك الأعمال التي يصدرها البيبليوغرافيون المغاربة مقاربة نقدية، فمن غير المعقول أن تبقى هذه المؤلفات التي تتراكم يوما بعد يوم صامتة ولا من يسائلها أو يثير النقاش حولها. وقد كان هذا الإصدار من طلائع المؤلفات التي صدرت في مجال نقد النقد البيبليوغرافي.

سؤال:
6 ـ من موقعكم كناقد وتحملون على عاتقكم هم البيبليوغرافيا كيف ترون مستقبل التأليف في هذا العلم في ظل العولمة ووجود الحاسوب الذي يتوفر على ذاكرة قوية؟

جواب:
لن يكون الحاسوب ومختلف التكنولوجيات الحديثة أبدا معوضا للجهد البشري في هذا المجال العلمي، بل هو مساعد للباحث البيبليوغرافي في توثيق مادته، وترتيبها حسب المداخل التي يرغب فيها كمدخل المؤلف، أو مدخل الكتاب، أو القيام بالإحصاءات اللازمة، وتمثيل ذلك في منحنيات مختلفة، وما إلى ذلك من التقنيات التي يوفرها الحاسوب والتي تساعد في استثمار المادة البيبليوغرافية وتقديمها للمتلقي بطرق مختلفة. فمن هذه الناحية يمكن للحاسوب تطوير العمل البيبليوغرافي والارتقاء به، ولكن لن يكون أبدا البديل في جمع المادة التي تعتبر صلب البحث العلمي كيفما كان نوعه.

سؤال:
7 ـ من موقعكم كناقد ومهم بالشأن الثقافي ما هي رسالتكم للمبدعين الشباب؟

جواب:
المبدعون الشباب هم أمل هذا الأدب ونبضه المستمر، ولكي ينهضوا بهذه المهمة عليهم توسيع مجالات القراءة، والتمكن من أداة الكتابة وهي اللغة، فالموهبة وحدها لا تكفي. والتسرع في الكتابة والتسابق المحموم نحو مناطق الضوء لا يوصلان إلى المبتغى.

سؤال:
8 ـ دكتور لكم كتاب ثاني سيرى النور قريبا يخص البيبليوغرافيا، لو سألتكم عن إصدارات المرأة المغربية مقارنة بما أصدره الرجل ما هو جوابكم؟

جواب:

اعتمادا على نتائج البحث البيبليوغرافي يمكن التأكيد أن إبداع المرأة المغربية في تصاعد مستمر، فرض نفسه بقوة في الساحة الثقافية مع بداية الألفية الثالثة بخاصة، ولعل التفاوت المسجل بين ما حققته من ثروة إبداعية وما راكمه الرجل يعود إلى مرحلة البدايات التي تأخرت كثيرا عند المرأة. فلم يذكر البحث البيبليوغرافي خلال السبعينات والثمانينات إلا أسماء معدودة.
ملاحظة أخرى يمكن إبداؤها هو أن هذه الصحوة الإبداعية عند المرأة سجلت في الأجناس الإبداعية الثلاثة الشعر والقصة والرواية بخلاف جنس المسرح الذي مازالت مساهمتها فيه محتشمة.

سؤال:
9 ـ تساهمون في أنشطة ثقافية ولكم حضور في تحكيم مسابقات ثقافية كيف ترون مستقبل الكتابة والإبداع عند الأجيال القادمة؟

جواب:
الحديث عن الإبداع عند الأجيال القادمة يفرض علينا استحضار المؤسسات التعليمية باعتبارها مشتلا لتكوين مبدعي الغد، ثم البرامج والمناهج المدرسة باعتبارها أدوات ووسائل داخل هذه المشاتل والمختبرات. فإذا ما استثنينا المسالك الأدبية (وأخص بالذكر هنا التعليم الثانوي التأهيلي والابداع المكتوب باللغة العربية) التي توفر لها المنظومة التربوية مساحة زمنية للتعلم تتراوح ما بين ثلاث ساعات إلى خمس أسبوعيا وتجعل من اللغة العربية من المواد الأساسية الممتحن فيها مما يفرض على المتعلمين إيلاءها اهتماما خاصا، فإن باقي المسالك الأخرى العلمية والتقنية والمهنية فإن حضور اللغة العربية فيها محتشم لا من ناحية الزمن (ساعتان أسبوعيا) ولا من ناحية البرامج على اعتبار أن الفرنسية هي لغة التعلم في المواد العلمية وهذا أمر يدفع كل المتدخلين آباء وتلاميذ وحتى الأساتذة أنفسهم إلى توجيه التلاميذ نحو الاهتمام بما يعرف بمواد التخصص لأنها هي مفتاح المتعلمين نحو كسب النقط وتحصيل الميزات ثم النجاح. فما دام التعلم مرتبطا بالنجاح في الامتحان، وما دامت اللغة العربية تعيش وضعا لا تحسد عليه في المنظومة التربوية فإن مستقبل الكتابة عند الأجيال القادمة تعترضه الكثير من العثرات.
شكرا لكم أستاذي الفاضل، وفقكم الله في مسيرتكم.

حاورته المبدعة: أمنة برواضي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.