أعلان الهيدر

السبت، 8 فبراير 2020

الرئيسية الرداء الأخير!

الرداء الأخير!

رحو شرقي


الأم مسعودة

ذهبت أيام البيــادر بموسم العنب والقمح الأصفر، وحل كانون الأول بأشجاره العارية ، فخلت المدينة حزينة على ديدن حكايات الأيام والليالي الخالية، واسودّ الفضاء بغيمته كأنه عجوز يلفظ آخر أنفاسه، وعندما يحل علينا الرداء الأبيض كوشاح مترامي .
ترى الحقول والروابي كصفحة بيضاء؛ وظهور الجبال كدواة يغمس فيها كانون يراعه ليرسم أجمل المناظر على مدينتنا القديمة .
في تلك الليلة الناثرة والنجوم السائرة ، تعالت تنهيدات جارتنا الطيبة ثم تلتها زغاريد في غير العادة وكأن الخوف تمردت عليه السعادة والنور غط ليلته الظلماء.. بعدها علمت أنها لمولود جديد ورغم مرضها إلا أن المولود كُـتِبَ له النجاة .
بمدينتنا امرأة كلؤلؤة على عِــقْــدِ رقبة ذلك الجبل الذي يعانق منازل الأحياء بدل قصور يغمرها الخداع والأشباح...إنها الأم مسعودة، مرضعة أجيال المدينة التي تستقبل الأطفال الرضع لتهبهم حليب الحياة، ذلك الكيان الهادئ الذي يصطحب الصبر بالثبات الجميل، لِتَرسم البسمة على فم الرضيع وكبد الفقير.


عادت المدينة تنطق نبض الأخوة وحتى ذلك المولود أصبح من ضيوفها ، آباؤنا يمازحوننا : )أنتم أبناء الأم مسعودة ( نعم نحن أبناؤها وكذلك الشيخ الجليل، اخترنا
العيش على فضاء الفضيلة بدرب التبانة.
واليوم هبت عواصف الغرب وفُتِحَت الأبواب وانطفأ السِراج.
" تعالوا ننسج الرداء الأخير ليقينا شر رياحهم القادمة ."



من كتاب طيور الشتاء
بقلم رحو شرقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.