أعلان الهيدر

الأربعاء، 15 مايو 2019

" المخبر "


محمود حمدون



لا أهتم بتقاليدكم , لا أرى ما ترون , فليّ دنياي , معتقدي , لكم دينكم , فخلّوا بيني و بين سبيلي ..

وقف " شحاته " الحالم دوماً , مخاطباً القوم , بلهجة أقرب لتحذير ناري , رغم وداعته المتأصلة , إلاّ أنه اليوم كان على غير عهدنا به , سألت عجوز تبيع فاكهة لا يشتريها أحد , عن ثورته تلك !,

قالت: هو رجل حُر, لا يقبل الضيم , يستشعر الاهانة من بعيد , منذ سويعات كان يمرّ كعادته في طريقه للمقهى , ذلك الذي يقع على ناصية المحكمة من الجهة المقابلة لمدرسة الفتيات الثانوية , أتعرفه يا ولدي ؟ بضجر أجبتها : نعم يا أمي , فقد جالسته يوماّ هناك , رغم ازدحام الطريق , إلاّ أنها فعلا مقهاه المفضّل حيث الناس يحيطون به من كل حدب . لكن .. أرجوك أكملي ما حدث .!

ضحكت العجوز , استأنفت حديثها : عندما وصل أمامي , نبّهه مخبر الحي " عاشور ", ذلك الشخص السمج , الذي يقتات على معلومة من هنا أو هناك يخبر بها أسياده , أتعرفه ؟!

= مرة أخرى ؟!! نعم , من لا يعرفه! نشأنا في المكان , هو و أهله يتوارثون مهنة العسس , تنمو أجسادهم وحواشيهم على وشايات عن شباب و سكان الحي ..ثم تداركت الأمر , هل ستخبرينني أم أنصرف ؟؟

حسناً , قال له المخبر: رباط حذائك مفكوك , لما لا تُحكم عقدته ؟

هنا ثار " شحاته " محذّرا الجميع , حتى أنه أشار إليّ في تنبيهه ,, تلى علينا حديثاً , أقرب لشعر :

لا توجدُ أيُّ تقاليد ٍيمكنها أن تجبرني على أن التزم بها..

و أجعلَ أربطة حذائي كما يريد ُالناس..

كان رباطُ حذائي مفكوكا ً دوما ً.

ذلك لم يمنعني إطلاقا ً من أن ألتقىَ الوزيرَ و المحافظَ و أن أسجلَ حواراً لقناة الحدث.

فالوزراء ُعادةً لا يتحدثونَ عن رباط الأحذية ...

ثم ..

= ثم ماذا ؟

ثم عقد رباط حذائه كمشنقة , أحكم وضعها بسقف المقهى , قال بصوت كالرعد " جبان من يتخفّى خلف رباط حذائه ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.