أعلان الهيدر

السبت، 2 فبراير 2019

الرئيسية قصة قصيرة/ عثمان رحلت دون وداع

قصة قصيرة/ عثمان رحلت دون وداع


حركاتي لعمامرة



وأنا اطوف في عوالم المبدعين لألتقي بقامات رحلت وأخرى تحيا حياة الراحلين ،وبين ثنايا السحاب وخلف غيوم تنبىء بغيث نافع ،يتراءى طيفه خلف الضباب ،إنه عثمان الذي غادرنا إلى غير رجعة ،فقمت كالمفزوع أتمتم وأحوقل وأقول :
أحقا مات عثمان أو أنني أحلم فقط؟
فأجابني صديقي الرسام : مابك يارجل عثمان مات منذ الصائفة الماضية وقد حضرنا جنازته...!
عدت إلى وعيي وانا مازلت مرعوبا وأنا ارى بين يديه هديةرسمها صديقي لتكون هدية كعربون محبة لعائلته...
فقلت في نفسي : لماذا كل شيء جميل في بلادي ينقضي بسرعة
ولماذا مدينتي يعيش عظماؤها في عزلة ويموتون في صمت ...؟
سؤال مازال يحيرني ومدينتي المعطاء الولود تتذكر أبناءها في عيد وفاتهم بمعسول النشيد وبجمع من الحضور وهم يرفلون في أبهى الثياب فيأكلون ويشربون ويتنزهون ليبقى المرحوم الغائب الكبير عن المحفل....؟
لماذا فقد التكريم معناه ... لماذا غاب الحق بيننا وتاه ...؟
لماذا يموت المبدع عندنا وغصته بصدره ،وكأنه ينادي : أتركوني أموت بعيدا عنكم ! دعوني أمارس طقوس الغياب بعيدا عن تصفيقاتكم المزعجة....!!

كانت دموعي تلازم تساؤلاتي ...فإلتفت إلى صديقي الرسام وهو يحمل لوحة عثمان ودموع غلبت مآقيه ،بينما راح يمسح دموعي ويكفكف عبراتي وهو يقول : ليس للمبدع من تكريم إلا من مبدع مثله نالت منه السنون وأرهقته المدائن بضجيجها ، ونالت منه الأرياف بهدوءها وسكونها ...
رحمة الله عليك ياعثمان حيا وميتا ...
تنهد صديقي الرسام ، وقال عثمان لم يمت مادمنا نذكره ،إنما الذي مات فينا :الضمير الذي كان يطوف ارجاء المدينة ليلهمنا اليقين .. 
ومات فينا الحس بالإبداع والجمال فرحنا نصفق دون إنتباه لأتفه الأسباب...
بكى صديقي وبكيت بينما طيف عثمان راح يحلق في فضاء فسيح وودعنا على ان يعود في موسم يحفه الإبداع قبل ان يغادرنا آخرون في قائمة الراحلين...


حركاتي لعمامرة. بسكرة 31 جانفي 2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.