أعلان الهيدر

الأحد، 23 ديسمبر 2018

الرئيسية " هوائي تلفاز قديم "

" هوائي تلفاز قديم "


محمود حمدون

تربض " شاحنة " كبناية ضخمة تناطح السحاب , عجلات جانبها الأيمن تقف بميل على تل صغير, فتراها من بعيد كنبيل يقف في خُيلاء , بينما يكتظ سطحها بصناديق خشبية يحوي كلُّ منها مئات من زجاجات " الصلصة " , يحيط بكلُّ منها شريط ورقي أخضر اللون يحمل بيانات المُنتج , تاريخ صلاحيته للاستخدام. 
أرسل سائق العربة و مالكها , تابعه لشراء طعام يسد جوعهما بعد رحلة طويلة , وقف بجوار العربة العملاقة بحدّث نفسه : " شاحنة " عظيمة , لم أر مثلها من قبل .! لا شك أنيّ ماهر في قيادتها , فقد حاذيتها برصيف الشارع الضيق, فكيف فعلت ذلك ؟!
ثم يربت على جسدها المعدني , يهمس بحنوّ : ما أبهاك , لك شموخ يليق بك , جوارك باقي السيارات أقزام تافهات , غداً أو بعد غد سنجوب الأفاق , سنكسر قيوداً كثيرة فُرضت علينا فرضاً , خطط كثيرة تموج بعقلي , ترتيبات لن يعيها أحد , لا يمكنني البوح بها الآن .. فسوف ... ثم

طقطقة , أعقبها قعقعة تزايدت حدّتها , ارتفعت أصوات ملتاعة : السيارة تميل على جانبها الأيسر , فرار و هرولة , فقد انهارت البائسة بحمولتها , سقطت بعرض الشارع , فانفجرت أنهار من " صلصة " كدماء نجمت عن مذبحة عظيمة , انقلبت على ظهرها .. بينما ارتفعت عجلاتها في الهواء تدور بسرعة كأنما تلفظ أنفاسها الأخيرة.
على مقربة , وقف مالكها , تدور عيناه فزعاً , يلفُّ حول نفسه , يبحث يميناً و يساراً , خلتهُ يضطرب من الصدمة , لكنه عاجلني بتسلق شرفة لبيت من طابق واحد , بخفّة فهد صغير , نزع منها سلكاً كهربياً , و هوائي لتلفاز قديم يعلوه صدئ .. 
ثم أحكم ربط " السلك " بالهوائي و ألقى به ليلتف على عمود كهرباء مجاور , ثم أحكم طرفه الأخر حول عنقه , لتسري فيه الكهرباء سريعاً و يتدلى من شاهق و دخان أسود ينبعث من عينيه و أذنيه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.