محمود حمدون
لم أره من قبل , لكن شدّني إليه أمر غامض , اقتربت منه , سألته : التقينا من قبل؟ هل أعرفك ؟ أسخيف سؤالي ؟ أقصد هل تعرفني ؟ سخيف أيضا أن يسأل أحد أحداً عن شيء لا يعرفاه..
عذراً , أدرت رأسي إشارة للانصراف , جذبتني ابتسامة رقيقة غطّت وجهه المتغضن , قال : ربما لم نلتق من قبل , لكن فعلا أعرفك .
فمن أنت ؟ أو متى التقينا ؟
قال : وجودك رهن بوجودي , إن كان غيابي ليس شرطاً لغيابك , فشرط وجودك حياّ أن أُوجد أنا أولاً , بينما غيابك رهن بمدة بقاءك .
همست لنفسي : كأنك جدي , ذلك الراحل منذ زمن بعيد , سمعت عنه , كم اشتقت لرؤيته , تمنيّت كثيرا أن أجالسه , يضاحكني , يمنحني بضعة قروش أبتاع بها حلوى كما يفعل الأطفال مع آبائهم , سرحت بخيالي لماضي يغرق في القدم , صور ضبابية لا تستقر على حال , أخرجني صوته من متاهتي , بقوله : أنا أقدم مما تظنّ .
= ألغاز, أحاجي ؟!
بدت على وجهه علامات الجدّ , أطرق للأرض برهة ثم قال: لا يشعر بغياب الشمس إلاّ العميان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق