أعلان الهيدر

الجمعة، 25 مايو 2018

" شفرة حادة "


محمود حمدون


سنوات بعيدة تفصلني عن آخر لقاء بيننا , كان الوقت عصراً , الشوارع مزدحمة بشكل غير طبيعي في مثل هذا الوقت , أطياف من بشر , دواب , عربات من مختلف الأنواع , يسيرون متلاصقين , متجاورين , يدورون حول بعضهم , لا تعرف من أين أتوا أو إلى أين يمضوا !
كان يقف هناك , بركن وحيداً , يتشح بهدوء ملحوظ , تعلو وجهه شبح ابتسامة رقيقة , وقتها كان اضطراب عظيم يأخذ بخناقي , أسعى وراء نسمة هواء , اندفعت إليه , رحّب بقدومي , مدّ يده يسبقني بالسلام , خشنة في ملمسها , كشفرة حادة , تخلّف وراءها ندوباً .
مالك , أراك زائغ النظرة , كطفل ضل عن أمه ؟! سؤاله , لم يبتعد كثيرا عن شعور مستقر بداخلي منذ فترة .
قلت : نال منّي التعب , كلما وطأت أرضاّ أجد زحاماً كيوم حشر , أتذكرك , لم يعدّ لديّ متسعاً من وقت.
أمسك بكتفي , ضغط بقوة حتى شعرت بألم رهيب , أفلتت من بين أسناني آهة عميقة , تاهت وسط نفير السيارات , صخب المارة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.