أعلان الهيدر

الجمعة، 20 أبريل 2018

" الحاوي "



محمود حمدون


مرّ بنا منذ أيام , أعلن على الملأ : سوف أعمل بمهنة الحواة , لطالما شغُفت بهذا العمل.
قلت : لكنك تعمل بوظيفة محترمة , تغنيك مشقة الحياة وتحجب عن ناظريك سوءات الفقر , أشاح بيده رافضاً حديثي : أنت لا تعلم شيئا .
صبيحة اليوم , رأيته على رأس الشارع , يفرش بساطاً كبيرا من قماش مزركش الألوان , عليه بضعة صفائح و أشياء غريبة مما يحملها الحواة , كان يقف عاري الصدر , يحرّك ساعديه في الهواء , متحسسا عضلاته , التي نبتت فجأة بعد أن كانت ضامرة!
ثم أخرج حبلاً طويلا , من إحدى صفائحه , و بصوت كالرعد , زعق في الحضور : من يثق في عنفوانه و قدرته , يتقدم ليُحكم وثاقي بهذا الحبل , أليس منكم رجل رشيد؟!
حديث استفز شاباً نحيلاً , بزغ من بين الجمع , التقط الحبل وسط سخرية الحاوي و الجمهور , بمهارة أحكم ربطه حول جسد الضحية , دقيقة تلتها أخريات , امتدت لساعات طويلة , حاول فك وثاقه , دار حول نفسه , بجواره على الأرض قبعته السوداء, ثم انهمرت دموع عينيه , مستجديا المارة اطلاق سراحه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.