أعلان الهيدر

الاثنين، 19 مارس 2018

" قوة قاهرة "


محمود حمدون





قوة قاهرة غلبتنا , بعثت بأجسادنا خدرا, فأطبق نعاس على عيوننا , قال أحدنا وهو موظف كبير بجهة سرية : تلك قوة علوية لا طاقة لنا بها , من الأفضل أن نسايرها , فالعناد في مثل هذه الأحوال يورث كفرا " ثم استعاذ بالله "
تجرأ حدث دون العاشرة بسؤاله : وكيف علمت أنها علوية ؟ من أين أتت ؟ ثم بعث رأسه وعيناه تدوران في السماء بحثا عن مصدر تلك القوة الغامضة , لم يطق الموظف صبرا فعلا صوته , إذ رأى في تجرؤ الصبي على السؤال استخفافا من قدره ونيلا من هيبته وسط الجمع : بلغ بنا العمر أن نرى السفلة والصغار يجهرون بصوتهم ويدلون برأي , وأشاح بيده وبغضب ظاهر ترك المكان ومضى .
عبثا حاولت اقناعه بالانتظار , أتبعته بعيني حيرة وأنا أضرب كفا بكف على مآل الحال , حانت منيّ التفاتة للصبي فوجدته ينظر إلينا وبراءة عفوية تنساب من عينيه , على مقربة كانت عجوز تبيع خضروات تفترش الرصيف المقابل صاحت فينا : قلة أدب أن يترككم هكذا وينصرف , لم يخطئ الصبي , ومع هذا لم يجب عن سؤاله كيف عرف أنها قوة علوية ؟! وكيف نزلتم عند رأيه هذا وسلّمتم به ؟
ولمّا رأت إعراضنا عن حديثها وصمتّنا عن الرد أردفت ساخرة : علوية ؟ يبدو أنها تفوقكم قدرة وقيمة , ثم نادت على بضاعتها وهي تنثر عليها مياه من صفيحة صدئة حتى تظل نديّة , فأصابتنا برذاذ كماء نار أحرقت أفئدتنا قبل ملابسنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.