أعلان الهيدر

الخميس، 19 أكتوبر 2017

رجل الماريونيت


سعاد إلزامك

الكاتبة / سعاد إلزامك
خطى العقد الخامس على ملامحه الريفية السمراء بشيراً بدنو الرحيل ، ارتعدت أوصاله .
ناحت رغباته : أنا لم أُشبع نهم شهواتي بعد .
عارضت روحه : لن أواكب مبتغاكِ بعلاقات مشبوهة يرفضها الدين و المجتمع .
ألحت الرغبات ، باركتها الشهوات ، حاولت جمحها الماديات ، عضدها الشيطان حين نصحه بعض مريديه باللجوء إلى الشبكة العنكبوتية كوسيلة ميسرة و غير باهظة الثمن . استوطن بشبكات التواصل الاجتماعي لاستقطاب مبتغاه ، تأرجح بين السطور كدمية الماريونيت معلقاً بخيوط نزواته ، شاهراً شِراكه و أسلحته الفتاكة ، تلصص على المحصنات .
رآها في أبهى صورها ، نقب بين سطورها ليستخلص حيلة لاصطيادها ، التقط فحوى معاناتها ، اقترب بتؤدة العالِم بكوامن النفس ، تحلى بوقار الورع ، تَقنعَ بالبراءة ، و التحف بعباءة النزاهة ، غمس ريشته في محبرة الإخاء ، لون ملامحه بالعفاف . تلا فروض الولاء متوددا بمواثيق الوله بعدما قَدَّ قميص الذكورة عن كيانه ، تشدق بالتنصل من هفوات عشيرته ، سب أنانيتهم الفجة ، شجب قهرهم للنساء ، لوح برايات الإخلاص ممتطياً شيم الرجولة .
مد جسور الوصل لساعات و أيام دون كلل أو ملل ، جثا في بلاطها ناشداً نظرة تحنان . كر على حصون دججتها بعدم الثقة ، فدك أسوار فرارها الفزع بقصائد غزل صريحة ، أسس وعوداً بعَقد الأيمان جملها بجود العطاء ، تاه فخرا بنعماء الله عليه . تجافت شكوكها عن مضجعها ، سقطت صريعة للحيرة ، ها هي تتنسم أخيرا بعض الثقة في أحدهم . علا مد بحور هواه ليطمس قناعاتها الغابرة عن الرجال ، ضاجع ثورتها ضدهم ، فحملت بالثقة من جديد ، كُبلت بخيوطه الحريرية .
سارع خطاه بعدما تلمس خضوعها لحيلته ، نسج بمهارة خيوطه حولها ، دعم حواراته بنفحات ايمانية ، غزل أستارا من الشفقة على نوافذ وحدتها ، أضاء ثريات الأمل ، فأنار أطلال كونها . دعاها لولوج فؤاده المنيف بكل المغريات ، أغرقها بطوفان ولاء هادر ، أغدق عليها بأشواق حارة افتقدتها منذ أمد طويل .
تعددت اللقاءات ، جمحت رغباته ، فانقض على فريسته ، قاومت شراهته بسياط الفرار ، لم يرحم طهاراتها أو يقنع بنجاح حيلته ، استنفر جند ذكورته لدك حصونها المنيعة . بعدما احتسى كامل نبضها ، و ارتوى من رحيق وصالها ، سأم براءتها فأجهض ثقتها متعمداً ، و لفظها بغير رجعة . بدأ في إعداد العدة لبدء رحلة أخرى بسيناريو جديد ، فأوغر قلبها الذي احتواه حباً ، باتت لا تنأى عن فكرة الانتقام ، عددت الحيل و انتقت أسرعهن بلوغا إليه ، جمعت أمرها ثم كادت له .
استقطبت الأخرى بعدما علمت كل تفاصيل حياتها الأسرية و انعدام دور الأب الغرور ، دربتها على سبل شتى قد علمها إياها من قبل لإرضاء شهواته ، ثم دفعتها نحوه بدعوة تحريرها من مأساتها . داعبت ببراءتها أوتار نهمه ، استثارت همسات طفولتها نسمات شيبته ، توجها على عرش فؤاده بعدما عشقها حد الجنون ، نشدها وطنا لحرمانه ، رسم براح عينيها سكنا لأشجانه ، سكب نبضها بشرايينه مددا .
ألبسها ثياب العرس ، بدأ في تحريكها بخيوط العشق على مسرحه ، باتا يسكبان اللذة في أحداق رغباتهما المتأججة ، علمها فنون الشبق ، غُشيت بصيرتها ففقدت براءتها دون وعي ، استردت وعيها المسلوب ، صرخت مستغيثة بشهامته . استنكر أنينها و اتهمها بالتحايل و الكذب ، طالبته بالزواج تنفيذا لوعوده ، صفعها بالرفض . علت صرخاتها ، تحشرج صوتها ، نزف نواحها فوصل إلى أسماع أمها ، اندفعت لغرفتها لتستجلي سبب صراخها . تنبه من ثورته على معشوقته على صوت استغاثة زوجته و مطالبته بإقامة الحد على ابنته ليغسل عاره بعد أن فض داعر النت بكارتها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.