أعلان الهيدر

الجمعة، 8 سبتمبر 2017

الرئيسية رحلة في فكرة

رحلة في فكرة

كتبت د.نهلة جمال
فكرة المشهرات..عنوان جذب انتباهي للروائية مني سالم ومع تصفح الكتاب استوقفني ملامح شخصية الكاتبة البشوشة التي تحمل عبق التراث واصالة المجتمع في جعبتها الفكرية، وترمز بقوة إلي المرأة المصرية الحكيمة المثابرة ، التي تسيطر بنعومة علي الاحداث وتحرك القلوب والعقول لصالح الاسرة الممتدة .
والمشهرات بانوراما للميراث الشعبي الزاخم بتفاصيل عديدة وعادات وتقاليد ممتزجة بخبرات واقعية وقراءات موسعة للنفوس، فصفحات االرواية التي جاءت في مئة صفحة مقسمة تحت عناوين تبدأ بكلمة مشوار في اشارة إلي سعي دؤوب لاستمرار الخطي نحو الهدف المنشود اجتماعيا وأن اختلفنا أو اتفقنا في صحة الاسلوب، و تحكي ملامح الحزن والفرح برتوش شعبية بمذاق خاص تفوح منه ذكريات العصور الماضية بقوة.
تفاصيل حياتية دقيقة جدا في امور الزواج واستعداداته والحمل ونتائجه ، واعداد البيوت وتنظيم العلاقات، كما تظهر فكرة الرؤية كمحرك للاحداث مع الشخصيات الرمزية القيادية لمسيرة اليوميات، وفي سياق المشاوير تظهر احلام وتنطفئ شعلة الامل احيانا .
ومفهوم المشهرات يتضح في الثلث الاول من الرواية كعادة تراثية لجلب الوفاق والذرية ، وتنتفض بها الاحداث لتتوالي العادات في تدفق سلس، يخرجنا بقوة من واقعنا التقني إلي عصور سحيقة لتقدم لنا حلول سحرية لكل موقف معضل
واثناء القراءة تظل المشهرات كمحرك للاحداث ، كحالة تراود البطلة لتحل مشكلات الحسد والجفاف وتفتك بالسحر والحسد ونعبش معها في حالة شعبية بعيدا عن صخب الواقع ..لتبقي في الاذهان المشهرات رمزا وفكرة تحتاج الدراسة، ليبدأ التحول التدريجي في ثبات المعتقد يتضح مع الجيل الثالث والرابع للاسر فتبدأ ملامح المراوغة علي العرافة صاحبة الزار وكشف احتيالها، والشك في صدق نوايا العطار الدجال والهروب من ملاحقته ، لتظهر من جديد القيم الدينية بتوجه الابطال للوضوء وقراءة القرأن ، وتتجدد الافكار بزيارة الطبيب وقبول التداوي لتفتح أبواب الامل في حياة الاطفال.
استوقفني في رحلتي برواية المشهرات الزخم الشعبي الغنائي الذي يقص بلسان حال الطبيعة البشرية بساطة الحياة وفطريتها، والتصارع بين الخير والشر للفوز برغد مؤقت ولذة زائلة ..هي رحلة بدأت من السودان الشقيق بمحاولة عودة البطل ابو القاسم لقريته وعشريتة في زمن الملك فاروق وتنتهي علي ابواب المدينة ومحاولات التكيف والتطور المعرفي ..لتبقي المشهرات تراث يعيش في ضواحي واحياء العاصمة بقلوب النازحين لها..وتستمر الرحلة.

يتم التشغيل بواسطة Blogger.