أعلان الهيدر

الخميس، 30 يناير 2025

“احتراق”



أسماء ريتال محمد


صرختُ بأعلى صوتي: “أنا أحتـرق! أنا أتآكل! أنا لستُ بخير!”
لكنّ الشارع ظلّ كما هو، يعجّ بالحركة، يضجّ بالحياة… وكلّ من مرّ بي ابتسم! ليس شفقةً ولا اهتمامًا، بل كأنهم يشاهدون لوحة فنية تعرض احتراقي ببراعة. كنتُ أتوهّج، أتحوّل إلى رماد أمامهم، وهم يكتفون بالنظر…


مددتُ يدي طلبًا للنجدة، لكن لا أحد مدّ يده لي. تحوّلت نظراتهم إلى إعجاب بائس، كأنني مشهد سينمائي يُمتعهم، لا إنسانة تنهار أمامهم.
حاولتُ إطفاء نفسي… مرة، واثنتين، وعشرًا… في كل مرة أنهض من بين الركام، يسقطونني أكثر، يبتعدون عني أكثر. كأن نجاتي تزعجهم، كأنهم يريدون مشاهدتي أحتـرق حتى النهاية.
لكنني لستُ مصابة بأيّ مرض، لا أحمل وباءً، لا أنشر عدوى… كل ما في الأمر أنني كنتُ طيبةً، أكثر مما يجب، حتى صارت طيبتي في أعينهم بلاهةً تستحق التجاهل.
اليوم، لن أصرخ بعد الآن… لن أطلب النجدة… سأدع الرماد يتكفل بالباقي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.