حركاتي لعمامرة
أصبحت اليوم مدينتنا ترتعد من البرد الذي حلً على غير عادته باكرا فتشرين مازال بعد في أيامه الأولى ،وهذا سوق الحشيش يشكو زواره الذين غالبهم النعاس إلا من قلة تحتم عليهم ظروفهم التبكير للسًوق وبعض الفضوليين الذين يحبون الإطلاع على كل كبيرة وصغيرة .
كانت ليلة البارحة جد هامة بالنسبة لي وانا القادم في عطلة نهاية الأسبوع لأقضيها مع أهلي بعاصمة الزيبان سهرة مع عمي الربيعي سيد الحكي الجميل بحيينا إذ اتحفنا بتلك القصص الخالدة عن أحداث الحرب العالمية وعن حكايا الثوار إبان ثورة التحرير المظفرة ليختم الجلسة كعادته بقصص بطولية للرئيس بومدين ،لم يكن النوم قد غازل جفوننا حينما إنتصف اللًيل ،فخلدت بعدها الى نوم عميق ،لم افق بعده الا وقد صاح الديك مرتين وثالثة توافقت مع آذان الصبح ، هكذا كانت قريتنا التي لاتبعد عن مقر المدينة سوى بكيلومترين إثنين فقط ...هي تستيقظ على صياح الديكة ونقيق الضفادع وخرير مياه السواقي وخوار أبقار عمي حسين الذي يستيقظ قبل الفجر ليحلبها ويوزع الحليب المجاني للفقراء ويبعث بالباقي الى المحلات والمقاهي ليباع ،هكذا كانت يوميات قريتنا التي فقدت هذا الجو الجميل واللًيالي الحسان حيث كانت لعبة الخاتم اولمن الجدار ؟ ،او الإصغاء لحكايا بشير قيطون اوعمي الربيعي او العيد بيبيش وغيرهم
أما عند طلوع النهار وخاصة يوم الجمعة وبسوق الحشيش العامر فإن سعد المداح ورفيقة عبد المجيد عازف الكمان كانا بطلان بلا منازع يحضران الجلسة باكرا تحت انغام الدف والكمان وحكايا البطولات لعنترة وعلقمة الى حكايابقرة اليتامي ولونجا بنت السلطان ،هي حكايا في غاية الجودة ،وهي بصوت عمي سعد الذ واحلى للسمع فهو سيد رواة المدينة بلا منازع ،يشكل عمي سعد ذاكرة المدينة وهو يحكي قصصه بأسلوب جميل فحق ان يكون حكواتي المدينة بلامنازع ...
وتشاء مقادير الله ان تفقد مدينتي مداحها ورفيقه عازف الكمان كما تفقد ذلك السوق العامر ليسير طريقا للسيارات وتبقى مدينتي تشهد بذاكرتها على إغتيال المداح ورفيقه وتبقى عاصمة الزيبان تتجرع احزانها في جو البهجة المفتعلة ومهما قيل ويقال فجلسة سماعية تحت تلك الشجرة العجوز لن تعوضه مهرجانات الحكي والسرد ...فرحمة اللًه عليك أيام زمان ....حينما كان يحلو السماع ويحلو الكلام..
حركاتي لعمامرة. بسكرة / الجزائر23 أيلول 2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق