عذراً فأنا أعرفُ امرأةً غيركِ
ماإنْ تمرُّ على يباسِ فمي حتى تهدلُ عرائشهُ بأناشيدِ النبيذِ....
نَـهَرَني ( نيرونُ) حينَ دعوتها للعشاءِ
وأطعمَ ثيابها للنارِ...
كلُ القصائدِ يومها أغلقتْ أبوابها إلا هي...
بقيتْ( بيروتُ) توزعُ الثيابَ والعطلِ الرسميةِ للعراةِ والمنهكينَ.
أعرفُ امرأةً أخرى...
اسمها ( دمشق) ...
كلما نبشتُ في خردةِ صدرها عثرتُ على كنزٍ من حنين....
على بابها اليومَ
يقطعُ ( قارونُ) يدهُ ليتسولَ درهمين
ويشمِّرُ المغبونونَ عن ساقِ آهاتهم...
غرباءُ فيها نبحثُ عن حجرِ أنسٍ نسدُ بهِ مغارةَ وحشتنا
ونرجمُ شيطانَ العوزِ بحصى الذكرياتِ...
أطفالُ ( دمشقَ) وحدهم لازالوا يشاكسونَ الحكايةَ
يُفَصِّلونَ النهايات على مقاسِ ضحكاتهم..
يكتبونَ رسائلهم إلى الله
يضعونها في بريدِ الفجرِ
وينامون.....
أعرفُ امرأةً ثالثةً غيركِ
كانتْ تعشقُ الموزونَ
كلما ارتجلتُ قصيدةً
ناولتني ( نوتةَ) القُبَلِ على عجل.....
أولادها اليومَ يبيعونَ الحصرمَ على أرصفةِ آب
ضعي برقعاً سميكاً على وجهِ هواجسكِ يا( بغداد) واتبعيني....
ف( الحجاجُ) سيقطعُ رأسَ المعنى ويتركنا نغوصُ في ( أهوارِ) التأويلِ...
أعرفُ أيضاً امرأةً حاضرةً في قلبي حضورَ الله في فاتحةِ الكتابِ
اسمها ( صنعاء)....
أخذ ذاك ( المرابي) أساوراها وعقودها وأفراحها.. أودعها غابةَ القصبِ ولم يُصِّيّرها ناياً إلى اليوم..
أعرفُ..أعرفُ امرأةً اسمها على طرفِ لساني
صَمَتتْ كأرضٍ نسيتْ أن تدورَ ...
وتشاغلتْ بنياشينِ العرضِ وأوسمةِ الطولِ ...
حتى بترَ ( فرعون) يد حديقتها في أولِ محكمةٍ خريفيةٍ ....
أعرفُ امرأةً نسيتُ اسمها تماماً ...
لازالتْ تفسرُ للعاقراتِ أحلامَ الحصادِ ومواثيقَ الحروبِ..
ترجمُ بالغيبِ المخاتلِ وتقرأُ كفَ الرمادِ
تتلو على مسامعنا آياتِ التنهدِ ..تدوِّنُ إجاباتها على عجلٍ وتغيبُ في زحامِ القبورِ.....
ياخريفَ المدنِ النائمةِ على نكباتها :
لاتَكمّْ مِئْذَنَةَ فمي بحجةِ الوباءِ..
ولاتَرخِ ستائرَ النكرانِ على نوافذِ الياسمين
مهلاً ...مهلاً فمتاهةُ العطرِ تَحلُّ ألغازها في دمي.
- بقلمي
سليمان أحمد العوجي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق