عدنان قناطري
دخل بيته على عجل و أغلق الباب بقوة . كان يشعر بالخوف . خلف ذلك الباب ثمة ما يخيف .
- ما الذي كان يخيفه الى هذه الدرجة !
سأكذب عليك ان قلت أن الحيوانات المفترسة في الغابة هي السبب . صحيح أن عددها يزداد كثرة في كل يوم . و الغابة قريبة جداً من حظيرة منزله . لكن لا , انه لم يخشى المجهول فيها في يوم من الايام . يحترس منها , لكن لا يخافها . الحق انها لا تخيف .
- اننا نعيش في مكان تضرب فيه البراكين , و يجن جنون الطبيعة في طرفة عين .
معك حق . كانت الرياح في تلك الأثناء تقتلع الرجل من مكانه و تأخذه برحلة اجبارية . و الأمواج تحاول جاهدة اقتحام البر بعلو لم تعرفه باقي الشطآن . نعم كان الجو مخيفاً , و يتهدد في كل لحظة من اللحظات . لكن لا , لا أظن أن هذا ما كان يخيفه .. لقد اعتاد الأمر و صار بالنسبة له كنزهة في يوم مشمس . رأيته مرة يرقص في مثل هذه الأجواء على المروج الممتدة أمام منزله .
- لم أسألك .. عمن تتحدث ؟
و أنا نسيت أن أسألك , من أنت ؟
- هل تؤمن بالكائنات الخارقة للطبيعة , كالجن مثلاً ؟
لا يهم , أو دعني أقول أنني لا أريد أن أؤمن بهذا الأمر . لأنك ان آمنت بها ستوجد حقاًً في عالمك و عندها ستضطر أن تتعايش مع الأمر .
- لم أفهم !
سأوضح لك الأمر . لنفترض أن وجودك بالنسبة لي خيار . فإن آمنت بوجودك على هذا الكرسي صار عندئذ صوتك مسموع , وصرت مرئياً و من واجبي التعامل مع الأمر و التعايش معه .. كأن نتحدث مثلاً .. أو كأن تسأل و أجيبك . و إن رفضت هذا الإيمان , اختفيت أنت من الوجود و استرحت أنا . فهمت !
- جميل . لكن اذا صفعتك عندما لا تؤمن بوجودي . أو سرقت محفظتك . من سيكون فعل هذا الأمر و أنا غير موجود بالنسبة لك .
عندها سأصفعك يا صديقي و أسترجع محفظتي .
- أكنت تبيعني نظريات ؟
لا , كنت أشرح ليس الا . من أنت ؟
- تستطيع أن تخبرني أنت , من أنت !
لنفترض أن اسمي نادر , ماذا يفيدك ؟
- اسمك ليس انت .. الأمر أعمق من ذلك . و السؤال صعب و الاجابة عليه شبه مستحيلة.
من أنت ؟
- أجبتك دون تردد لو كنت أعرف . على كل حال , ماذا كان يخيف صاحبك ذاك !
بالتأكيد ليست تلك الكائنات التي تحدثت عنها , فهو أيضاً اختار ألا يؤمن بوجودها . و مهما يكن , انها لا تخيف . المخيف دائماً المجهول الذي يحيط بها . ليس بها فقط , المجهول مع القليل من الخيال هو التعريف الحقيقي لإحدى مسميات الخوف .
- أفهم منك أنه كان يتخيل ؟ وقع فريسة لأوهامه ؟ ما الأمر !! أصابني الفضول . اختصر لو سمحت .
أقرأت رواية 1984 !
- أنا لا أقرأ .
حسناً , ان الأمر مشابه . بينما هو في اجتماع مع باقي القرويين خرج صوت من المذياع يأمر الجميع بلهجة شديدة و صوت غليظ بأن يعودوا الى منازلهم .
- أهذا ما كان يخيفه ؟
لا , كان يخيفه أن يشي به احد القرويين الذين كان في اجتماع معهم .
دخل بيته على عجل و أغلق الباب بقوة . كان يشعر بالخوف . خلف ذلك الباب ثمة ما يخيف .
- ما الذي كان يخيفه الى هذه الدرجة !
سأكذب عليك ان قلت أن الحيوانات المفترسة في الغابة هي السبب . صحيح أن عددها يزداد كثرة في كل يوم . و الغابة قريبة جداً من حظيرة منزله . لكن لا , انه لم يخشى المجهول فيها في يوم من الايام . يحترس منها , لكن لا يخافها . الحق انها لا تخيف .
- اننا نعيش في مكان تضرب فيه البراكين , و يجن جنون الطبيعة في طرفة عين .
معك حق . كانت الرياح في تلك الأثناء تقتلع الرجل من مكانه و تأخذه برحلة اجبارية . و الأمواج تحاول جاهدة اقتحام البر بعلو لم تعرفه باقي الشطآن . نعم كان الجو مخيفاً , و يتهدد في كل لحظة من اللحظات . لكن لا , لا أظن أن هذا ما كان يخيفه .. لقد اعتاد الأمر و صار بالنسبة له كنزهة في يوم مشمس . رأيته مرة يرقص في مثل هذه الأجواء على المروج الممتدة أمام منزله .
- لم أسألك .. عمن تتحدث ؟
و أنا نسيت أن أسألك , من أنت ؟
- هل تؤمن بالكائنات الخارقة للطبيعة , كالجن مثلاً ؟
لا يهم , أو دعني أقول أنني لا أريد أن أؤمن بهذا الأمر . لأنك ان آمنت بها ستوجد حقاًً في عالمك و عندها ستضطر أن تتعايش مع الأمر .
- لم أفهم !
سأوضح لك الأمر . لنفترض أن وجودك بالنسبة لي خيار . فإن آمنت بوجودك على هذا الكرسي صار عندئذ صوتك مسموع , وصرت مرئياً و من واجبي التعامل مع الأمر و التعايش معه .. كأن نتحدث مثلاً .. أو كأن تسأل و أجيبك . و إن رفضت هذا الإيمان , اختفيت أنت من الوجود و استرحت أنا . فهمت !
- جميل . لكن اذا صفعتك عندما لا تؤمن بوجودي . أو سرقت محفظتك . من سيكون فعل هذا الأمر و أنا غير موجود بالنسبة لك .
عندها سأصفعك يا صديقي و أسترجع محفظتي .
- أكنت تبيعني نظريات ؟
لا , كنت أشرح ليس الا . من أنت ؟
- تستطيع أن تخبرني أنت , من أنت !
لنفترض أن اسمي نادر , ماذا يفيدك ؟
- اسمك ليس انت .. الأمر أعمق من ذلك . و السؤال صعب و الاجابة عليه شبه مستحيلة.
من أنت ؟
- أجبتك دون تردد لو كنت أعرف . على كل حال , ماذا كان يخيف صاحبك ذاك !
بالتأكيد ليست تلك الكائنات التي تحدثت عنها , فهو أيضاً اختار ألا يؤمن بوجودها . و مهما يكن , انها لا تخيف . المخيف دائماً المجهول الذي يحيط بها . ليس بها فقط , المجهول مع القليل من الخيال هو التعريف الحقيقي لإحدى مسميات الخوف .
- أفهم منك أنه كان يتخيل ؟ وقع فريسة لأوهامه ؟ ما الأمر !! أصابني الفضول . اختصر لو سمحت .
أقرأت رواية 1984 !
- أنا لا أقرأ .
حسناً , ان الأمر مشابه . بينما هو في اجتماع مع باقي القرويين خرج صوت من المذياع يأمر الجميع بلهجة شديدة و صوت غليظ بأن يعودوا الى منازلهم .
- أهذا ما كان يخيفه ؟
لا , كان يخيفه أن يشي به احد القرويين الذين كان في اجتماع معهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق