أعلان الهيدر

الثلاثاء، 10 مارس 2020

الرئيسية وادي سيدي الناصر ...

وادي سيدي الناصر ...

د . بومدين جلالي






قبْلَ عِقْدَيْنِ والرّبيعُ بَهاءُ، *** قبْل عقْديْن والشّبابُ سَخاءُ؛

زُرْتُ هذا الْمكانَ والْقلْبُ نُورٌ***والْأمانِي -بِالسّعْد فيها- ضِياءُ

رافقتْني حَبيبَتي -أخْتُ عِشْقي- *** مَنْ بِعَيْنَيْها قَدْ تَغَنَّى الْفَضاءُ

كانَ فيها ضِمْنَ الْكمالِ جَمالٌ، *** وجَلالٌ، ونَشْوةٌ، وسَناءُ

وشْوَشاتُ النّفْسِ الْأنِيقةِ تبْدُو***كالصَّدَى فيها والْحديثُ حُداءُ

في هُدوءٍ تقولُ باسِمَةً: "يَا***قلْبَ رُوحِي، أنْتَ الْهَوَى والْوَفاءُ"


وإذا مَا دَنَتْ مِنَ الْماءِ يزْهُو*** بِخَريرٍ، والسَّيْلُ فِيه غِناءُ

فكَأنَّ الْوادِي تَشَكَّلَ لَحْناً *** لِرِضاها، والْحُسْنُ مِنْهُ رُواءُ

فبِها تَحْلو الْأرْضُ في أيِّ حِينٍ***وبِها تَحْلو في التّعالِي السّماءُ

في طَريقِي شاهَدْتُها ذاتَ أمْسٍ *** وأنا يافِعٌ، لِباسِي الصّفاءُ

فإذا الْقلْبُ يَمْلأ الْقلْبَ حُبّاً *** وإذا الشَّوْقُ في الْخَفاءِ لِقاءُ

حينَ أنْفاسُها تُداعِبُ هَمْسِي ***تَرْفُلُ الْإشْراقاتُ كَيْفَ تَشاءُ

ورَكبْنا بَرّاً وبَحْراً وجَوّاً، *** وبِنا يَزْدانُ الْمَدَى والْهَواءُ

عَصْرَ تِلْكَ الْأحْلامِ عِشْنا حُبُوراً،***سُرَّ مِنّا صَباحُنا والْمَساءُ

وقْتَها لِلْوادِي قصَدْنا فجُلْنا *** جَوْلةً في وُدٍّ سَقاهُ النّقاءُ

سَيِّدِي النّاصِرُ الشّرِيفُ تَجَلَّى*** شامِخاً والْقُرْآنُ مِنْهُ دُعاءُ

وطُيُورُ السُّهوبِ ظَلَّتْ تُحاكِي***جَوْقَةَ الْمُوسِيقَا فكانَ الرِّضاءُ

نَغَماتٌ في كُلِّ صَوْبٍ تُرِينا***أنَّ عَزْفَ الْآفاقِ مِنْهُ النّماءُ

ونَمَا مِنَّا عامُ عِزٍّ، وجُودٍ، *** وسَلامٍ، والْحُبُّ فِينا بِناءُ

ثُمَّ جاءَتْ أقْدارُنا دُونَ إذْنٍ..***مَسَّها الضُّرُّ.. حَلَّ فِينا الْبَلاءُ

سَرَطانُ الْخُبْثِ الْألِيمِ غَزاها***بَغْتَةً .. وَاسْتَحالَ مِنْهُ الشِّفاءُ

ذَهَبَتْ..آهٍ كَيْفَ كانَتْ مَلاكاً!***ليْسَ مِنْ حَقِّي -بعْدَ ذاكَ- الْبَقاءُ

يَدُها في يَدِي، ورُوحِي نَواحٌ، *** ولِساني تَشَهُّدٌ ورَجاءُ

فأشارَتْ بِالْعَيْنِ في صَمْتِها:"في***رَوْضَةِ الْعِشْقِ يا حَبيبِي اللِّقاءُ"

وَأنا الْيَوْمَ أرْسمُ الْأمْسَ رَسْماً ***باكِياً، فيهِ نَكْبَتِي والرِّثاءُ
---------------
أيُّها الْوادِي: هلْ تَرى مَا مُصابِي؟***لا تَقُلْ شَيْئاً فَالْكَلامُ غُثاءُ

أيُّها الْوادِي: هلْ تَرانِي غَريقاً ***في أنِينِي، أمْ أنْتَ مِنِّي بَراءُ؟

لا تُؤاخِذْنِي - يا صَديقِي - فَإنِّي***تائِهٌ والظّلْماءُ فَوْقِي غِطاءُ

هِيَ ذِي الْحَالُ:مَأتَمٌ بَعْدَ عُرْسٍ،***هيَ ذي الدُّنْيا:فَرْحَةٌ فشَقاءُ

بعْدَ حُبٍّ مُرَفْرِفٍ في الْمَباهِي،*** بعْدَ سَعْدٍ يُجِلّهُ السُّعَداءُ؛

هِيَ فِي الْقَبْرِ جُثّةٌ، وأنَا في *** غُرْبَتِي قَبْرٌ، والْوُجُودُ فَناءُ

ما حياةُ الرَّحِيلِ إلَّا رَحيلٌ *** والثَّوانِي بِالْمَوْتِ فِينا قَضاءُ

فَلْنَعِشْ في الْأحْزانِ دُونَ غُرُورٍ***وَلْيَكُنْ في لُبِّ السُّؤالِ الْجَلاءُ.

وَانْتَهَتْ قِصَّةٌ رَواها حَزِينٌ *** لِي، بِأرْضٍ أعْلامُها بُلَغاءُ

ودَعانِي أنْ أنْسُجَ الْحَكْيَ شِعْراً***رُبَّمَا مِنْ ذا يَأتَسِي التُّعَساءُ.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اكتملت القصيدة يوم 09 مارس 2020
بقلم : أ . د . بومدين جلالي - الجزائر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.