أعلان الهيدر

الجمعة، 11 أكتوبر 2019

" رصيف جانبي "

محمود حمدون



كعقارب ساعة تدور في حركة رتيبة أبديّة لا تعي ما تفعله , مع أيقاعاتها الراقصة ينساب الزمان ويصبح للمكان قيمة , لكن ماذا لو تاه المكان من العقل وسقطت حدود الزمن أو اختلطا ببعضهما البعض؟! .. أفكار ساورتني كثيرًا وأن أتيه في الأرض لم أترك مُدخلًا إلاّ سلكته , بيميني هاتف محمول , أودعه صاحبه أمانة بعنقي قائلًا: معك هو بأمان , إحرص عليه حتى أعود إليك .
فوقفت غير بعيد أنظر معروضات المتاجر , أتفحص بعضها بعقل شارد , دقائق مضت على مضض , التفتُّ أبحث عنه بين الزحام لم أجد بادرة تدلُّ على وجوده, فرجعت لنقطة أحسب أننا افترقنا عندها , شارع خال على عروشه , محلات مغلقة معتمة على الجانبين وعربة " كارو " صاحبها نائم وتنطلق بحمولتها إلى مجهول .
كطفل خائف قبضت على وديعتي ,إنطلقت ألتمس كل طريق , قلت لنفسي : غريب ما يحدث ,هذا المكان أعرفه جيدًا , لطالما قطعت شوارعه طولًا وعرضًا , أدرك سراديبه وأزقته , فكيف تاهت معالمه اليوم عن ناظري ؟
كنت كلما انحدرت بطريق أحسبه في البداية هو ويدي بجيبي تتحسس " شاشة "المحمول كأنيّ ألتمس أمنًّا لديه , فكنت انتهي إلى لا شيء , ساعات طويلة ورحلتي بدأت قبيل التاسعة مساءً حتى صدحت المآذن القريبة فجر اليوم التالي , بلغ بيّ التعب حدًا يفوق طاقتي فجلست على رصيف جانبي . انتظرت حتى رحل الظلام وهلّت أشباح تُقبل ناحيتي و "شاشات " هواتفها المحمولة تبرق بوميض الحياة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.