أعلان الهيدر

الأحد، 2 يونيو 2019

" الأمير "

محمود حمدون



نتقابل على فترات , يجلس معي بنفس المقهى , الذي يتوسط ميدان صغير , ملتقى لشوارع كثيرة تتقاطع معه و تنطلق منه.

راقبته بالأمس يعدل ربطة عنقه حتى توسّطت " ياقة قميصه " , داعبته : ألم تقرر بعد أن تتناول " فنجان قهوة؟"

بضجر : قهوتك شديدة المرارة . لا أطيق طعمها و إن كانت رائحتها تبعث في الأعصاب خدراً لذيذاً.

قلت : للسكر طعم أشد مرارة في الحلق. مجاملة ضحكنا معاً , تطلّعنا للميدان الصغير بأشجاره القليلة , غمرتنا السيارات بأنوارها , أصوات نفيرها المزعج ,

مسرحية كبيرة .... لست أدري إن كان دوري بالحياة رئيسي أم هامشي .. كان يحدّث نفسه , تبيّنت كلماته بصعوبة , قلت: مالك يا عزيزي , لم أعهدك تنغمس في أمر هكذا , أنت كما عرفتك أمير المنتصف , لا تغادره ما حييت , عقيدة طالما آمنت بها , سخرنا منك قديما , بخاصة أنا , رميناك بكل نقيصة .. لكنّي أيقنت بزوال العمر أنك كنت على صواب. فلماذا الآن تراجع نفسك ؟

قهوتك بردت , أعمل لك " فنجان " آخر , جاء صوت النادل في أذني كطلق ناري أفزعني , و قد استقرت على وجهه نظرة باهتة دون ملامح, كنت أجلس بمنتصف المقهى , كما أفعل مغرب كل يوم ,أمامي فنجان بطعم الصبّار .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.