أعلان الهيدر

الأحد، 10 مارس 2019

" سيد الموقف "


محمود حمدون


اتسعت دائرة الاشتباه لتشمل القابعين وراء مكاتبهم الخشبية من يعملون بجدّ و من يفتشون في الضمائر ,شملت المتسكعين في الطرقات و على السلالم , المنتظرين دورهم لركوب المصعد هبوطاً أو نزولاً , اتساعاً لم يفلت منه أحد .
عشية ذات اليوم , سمعنا أن آخرين انضموا للركب , السائرين بالشوارع الرئيسية ,الهائمين على وجوههم , الكل مُشتبه به , سرعان ما لهجت الألسنة بالدعاء , ارتفعت التبريرات , علت الأيمانات ,الانكار أصبح سيداً للموقف . حتى العجوز التي تبيع الخضروات , على ناصية السوق , رأيتها تبكي بحُرقة , تسيل دموعها كماء نار تحفر طريقها بقسوة بخدّيها , يهتز صدرها العامر , تلملم وجودها تحت قدميها ,لا تنتظر سؤالاً من إنسي , فصوتها ينطلق بقوة كل فترة : أقسم بالراحلين , أنيّ بريئة مما قيل , لم أر شيئاً .
بنفس المنطق و لكن برزانة أكثر قليلاً , يؤكد " عبد الرازق " بائع الجرائد و أشياء أخرى : لم أفعل شيئاً و السماء شاهدة على صدق قولي , يشير ببنانه لأعلى , يتصنّع البكاء , فيرتفع بعض أنينه دون علامة على صدق فؤادة .


استمر الحال أسابيع متصلة , زادت لشهر ثم آخر و تتالت بعد ذلك حتى أدركنا النسيان فغشي أبصارنا ..
بعصر الخميس الماضي ,اجتمع القوم في خلاء كبير , حلقات كلُّ منها لا يقل عن العشرة من الرجال و النساء , يتحدثون في آن واحد , تعلو الأصوات دون أن يستمع أحد لرفيقه .. ضجيجهم أقلق صبي دون السابعة , كان يلهو وحيداً , ترك مهمته المقدسة , هرول إليهم و بصوت يتناغم مع الطبيعة البكر , ينشز بقوة مع أهل المكان قال: أنا رأيت ما حدث و أعرف كل شيئ, آنذاك هبّت ريح سوداء اقتلعت كل شيء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.