أعلان الهيدر

الاثنين، 4 فبراير 2019

" مكتوب "




محمود حمدون


صُعقوا بخبر تدحرج إليهم عصر أمس , وفاة زميل لهم , أكثرهم مرحاً و إقبالاً على الملذّات , علّه الوحيد بينهم الذي كان يعبُّ من الحياة عبّاً , نذكر أننا نهرناه كثيراً أن يلتفت لآخرته , أن يُعد ليوم سيأتي لا محالة , فكان ينظر لنا دون اهتمام , يقول كلمته الخالدة : مكتوب .. يصُكّ بها آذاننا , فنلتزم الصمت , لا نجد غيره رداً ..


جلست بين الأصدقاء , أتذكر الميت , و أقلّب عيني بين وجوه الجالسين , يُطرقون للأرض , يمطّون شفاههم , منهم من يقرأ في سرّه , يهمهم , بعضهم يتصعّب حسرة على الفقيد , لا تُخفي العيون ما يعتمل بالأفئدة , فقد لمحت طفرات من تشفّي تنسدل من مآقي البعض , يدارونها بإصغاء للمقرئ ..

قبيل أن ينفضُّ سرادق العزاء , سمعنا نفير سيارة مزعج , يعلو رويداً , انقبضت قلوبنا , أدرنا رؤوسنا سعياً وراء الصوت , وجدت الصديق الراحل , يمتطي سيارته الفارهة , تعلو وجهه ضحكة ساخرة, تتلوى من مذياع عربته موسيقة صاخبة , تأوّهات لمغنية شابة أجهل أسمها , صاح بصوت سمعناه جميعاً : مكتوب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.