أعلان الهيدر

الثلاثاء، 4 سبتمبر 2018

" وعيد "


محمود حمدون
أعلم بتقصيري الشديد , لكن أجزم أن هناك بذرة في الأعماق تحمل الخير , لا زالت ثمة نقطة بيضاء تلمع بوهج تحت ركام من الزيف.
حرصت , رغم بعض الهنّات ألاّ أظلم أحداً , هنا قاطعني صديقي بحدة : من قال ذلك ؟ كيف تحكم على نفسك هكذا ؟ 
= أراجع بعض من تصرفاتي باستمرار , أقف عند بعضها , أعتذر لنفسي عمّا بدر منّي , ألتمس طرق الفرار من الظلم قدر استطاعتي , ثم إنني أنام قرير العين , لم أسمع من قبل عن ظالم يستطيع النوم بملء جفونه .!
- نعم لا يملك ظالم أن ينام هانئاً , لكنك ظلمتني ؟!
= أنا ؟ لم يحدث , إن حدث فبدون عمد , ربما أطأ قدم أحدهم في الزحام لكن لا أتعمد الضرر , فما بالك بصديق خرجت به من الدنيا ,! 
- تهدّج صوته , فبانت مئات الجروح , شظايا صراعات زُج إليها , تماسك قليلاً ثم قال: ظلمت حينما انزويت بعيداً , تركتني وسط بحر متلاطم , يعج بوحوش و كواسر مخيفة , مسوخ ترتدي مسوح الرهبان , طالت أظافرهم و أنيابهم فتوارت السباع خجلاً لرؤيتهم , نهشوا ما شاء لهم النهش , فخرجت من بين أيديهم بقايا بشر, بينما كنت تملك أن تقيلني من عثرتي , تأخذ بيدي بعيداً عنهم .!
= إنما خشيت عليك , فالقرب منيّ مهلكة ..
أفقت على أصوات آلات التنبيه لعشرات السيارات , نظرت بقلق , وجدتني أقف بنهر الطريق , السيارة مطفأة , خلت من الوقود , صوت صاحبي يرن بأذني , أنياب و أظافر تطل من وراء زجاج المركبات , وعيد لا يخطئه الفؤاد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.