حركاتي لعمامرة
في يوم غائم من أيام عطلة الشتاء، أخذني الفضول لزيارة سوق المدينة الذي كان يومها يعج بالباعة والمتجولين، طبعا فهو يوم السوق الأسبوعي، وماكادت قدماي لتطأ الشارع الطويل حتى لفحتني نسمة باردة مصحوبة بقطرات المطر لكنها لم تثن عزيمتي على مواصلة المسير إلى ماكنت أقصد الذهاب إليه،
هاهي رائحة الفطائر الشهية تنبعث من محل بائع الفطائر عند بداية الشارع لتبعث الدفء في العابرين، مازالت رحبة سوق الحشيش تحافظ على هيبتها بكل جمال للمكان، وهاهي ساحة التجمع تنتظر روادها من كل الأعمار، وهاهو العم ساعد يحاول إلتقاط أنفاسه وهو يؤدي أغنيته الشهيرة التي عادة مايستهل بها حكاياته الممتعة وهي عبارة عن إستهلال بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلّم، الجميع من المحيطين به يحفظون ذلك، ولكنهم يحبون أن يشنفوا أسماعهم بها من حنجرة المداح ساعد بمرافقة أنغام الكمان الحزينة...التي كان يؤديها صديقه ورفيقه عبد المجيد عازف الكمان.
إستمرت جلستنا أكثر من ساعتين ونحن نصغي بإهتمام لذلك الرجل الكفيف الذي لم يسعفه الحظ أن يزاول دراسته بالمدارس غير أنه يتقن فن الحكي إتقانا منقطع النظير، فهو يحكي لك حكايات من حكايا ألف ليلة وليلة وكأنك تشاهد أحداثها بالتفصيل، وكان يصاحب الحكاية أنغاما موسيقية يعزفها رجل كفيف هوالآخر على آلة الكمان، وكان الراوي يحمل دفا يستعمله حينا بعد حين وخاصة عندما تشتد أحداث القصة وتحلو تفاصيلها، تبعا لمواقف أبطال القصة، فكان هذا المداح يجلب إلى حلقته كل المارين فتشدهم قصصه ويغدقون عليه في العطاء فحق علينا ان نطلق عليه لقب بائع الحكايات بكل صدق.
حركاتي لعمامرة. بسكرة 8 جويلية 2023
2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق