أعلان الهيدر

الأربعاء، 11 نوفمبر 2020

الرئيسية تلاوين الايحائيّة والمشهديّة في اقصوصة "على حافة الغياب" للاديبة هدى أحمد حجاجي

تلاوين الايحائيّة والمشهديّة في اقصوصة "على حافة الغياب" للاديبة هدى أحمد حجاجي

  الباحثة هدى  كريد  من تونس

الباحثة هدى  كريد  من تونس



نصّ باذخ  يسري  فينا تسريده بدرجة الشّعر  ايحاء وترميزا، وتصويره  بلغة الكاميرا وعين الوصف لقطات و مشاهد  .وقد استطاعت الكاتبة  أن تنتج  اقصوصة تنبئ بتمكّن من المقوّمات السّرديّة لهذا الجنس الأدبي.  إذ التّكثيف متحقّق والنهاية لا تخلو من مفاجأة  بالنّظر  إلى البناء القديم وتاملّه،  والأحداث على نحوما   تتشكّل هرميّا. ذلك أنّ الوقائع  تتصاعد في نسقها كلّما تقدّمت بالبطل الخطى نحو دائرة العرس تضيّق عليه الخناق وتحدث المفارقة بين لألاء الخارج وعتمة النّفس، حتّى  صخب  الاحتفال ورقة نعي لسعادة آفلة وحبيبة ضاعت ملامحها في الغياب وإن حضرت عروسا باهتة الملامح .ولاشكّ  يخلق  تركيز  السّارد على حدث مركزيّ هو رحلة البطل في متاهة العرس واغترابه  وحدة الانطباع.به يتعاطف القارئ مع المأزوم الذي يعاني من تقلبّات  البشر وسجيّتهم الميّالة إلى الشرّ.
إلاّ أنّ النصّ مخاتل ،متعال على حدود الجنس واسسه.ينشأ فيه مجال صوري عبر  لغة بصريّة مدهشة.  لذا نقول السنغرافيا تصنع عناصرها المشهدية من البناء واليدين المخضلّتين بالماء أوالدمع  مشهدا سينمائيّا افتتاحيّا  في لقطة عامّة إلى مشهد العرس .علاوة على ذلك تتلوّن الكلمة بالكوريغرافيا باعتبارها تدوّن حركة الجسد على وقع الموسيقى للعروسين والمحتفلين وعلى ايقاع النّفس المحتدمة بالغضب والحقد بالنّسبة إلى البطل النّافر عن المشهد العامّ.
ولعلّ قوّة النصّ في نهله من الشعريّة منذ افتتاحه بصورةفنيّة آبقة عن المادّي منفلتة عن اساره إلى عمق المجرّد.فكان التجسيم باليدين المتضرّعتين والجدران والأكفان والمطر .أمّا التجريد فأصل الفكرة، حياة كصرح قديم كما تجلّى ذلك في النّهاية ،وذات تبتهل في حضرة العدم ،مطر كاليباب وعرس أشبه بالنّوح والمآتم .فالكاتبة تتملّك أدواتها وتطوّعها على نحو شعريّ رمزيّ ،حمرة دم وبياض موت وانحشار كضيق الوجود . وليس بخاف غموض هو من روح الشّعر .فمن هي المتحدّث عنها؟ اهي العروس عشتار الاقصوصة  بين دفّتي الحياة والموت والمطر والكفن ام الذات الإنسانية ورمزها البطل تتعثّر في  بقاياها وتسير في الطريق بكلّ ماتحمله الكلمة من دلالات وجوديّة؟
إنّ الاغتراب واقع والذّوات بلا أسماء.وهذا اللاّمسمّى مهزوم بين الأوجاع.ممّا يكشف استراتيجية النصّ الذهني متوزّعة بين حلم وواقع.
لاجرم في أنّ النّص أفاض عن جنسه وعن الأجناس الأدبيّة ليتجذّر في اغواء الصّورة وحمل ما يقترن بهموم الواقع وشواغل الوجود .


الباحثة هدى  كريد  من تونس


على حافة الغياب


هدى حجاجي احمد


سَقَطَتْ خَلّفَ جُدرانِ الخُشُوعْ تَحْتَضنُ أكفَانَهَا المُبَلّلةُ مِنْ كَرَمِ السَمَاء..! حين وطئت أقدامه الحارة الضيقة باغتته أنوار كثيرة وتهادت إلى ما وراء الحارة أغنية صاخبة تنبعث من بيتها ، المصابيح متعددة الألوان على واجهة المنزل الواطئ تومض بالضوء فتخطف الأبصار ، وقف مستغربا يطالع وجوها يألفها ويراها الآن مبهرجة ومحشورة عند عتبة البيت . استفاق على وجه ضاعت ملامحه القديمة تحت ركام الأصباغ ،العينان حالمتان في رفقة وجه مكتنز لامع ، تخطيا العتبة لم تنتبه لوجوده ، نثروا عليهما ورودا حمراء وبيضاء كان للورد رائحة مختلفة زكمت أنفه انطلقت زغرودة وتشابكت الأيادي ، صنعوا دائرة كبيرة حول العروسين وذهبوا في رقصة ماجنة ، اتسعت الدائرة انفلت منها ماضيا بحمله المتثاقل ،أحس بشيء كالخواء يتمدد في صدره وهو يقترب من منزله . ولأول مرة _ منذ أيام لم يعد يحصيها _ يرفع عينيه إلى هذا البناء القديم ...

 القاصة هدى حجاج


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.