أعلان الهيدر

السبت، 12 سبتمبر 2020

طقوسٌ صارمة !


بقلم الأديب:أحمدعفيفي
- مصر -




باغتتها قشعريرةٌ باردة, لمْلمَتْ شعرها ودفنته فى قلنسوةٍ صوفيةٍ, ثم حدّقَتْ في الأفق , أطلقتْ زفرةً طويلةً.وبعدها أجهشت باكيةً.سحبت كرسيها الهزاز وجلست مستسلمةً لأرجحةٍ رتيبةٍ,حدّثت نفسها:لأجله غنّيتُ,وتمنيت, ولأجله إنتحب قلبي أنا,
وكأنها ثمِلتْ من الهواء الرطب,فأرجعت الكرسي مسافهً عن سور -البلكون-,وراحت تجتُّر الذكريات
*جميلة كانت, تتعجّل اللحظة الخالدة, وترنو بشغفٍ للأمنيات, تعتمل داخلها الأحاسيس آملةً أن ينتهي القلق نهايةً سعيدة..
وكان أن شاهدته وكأنه هبط من بين السحب ليقف أمامها مباشرة,يتفحصها ببطٍ وإمعان,متأنِّقاً كان, وفخورا ًيقفُ بخيلاءٍ في حديقة منزله,
كانت مشدوهة ًغير عابئةٍ بالرياح المدعومة برمالٍ زجاجيةٍ تنغزُ يديها وخدّيها بقسوة..كانت آنذاك تُخطو في العشرين ونيفٍ من العمر ,وكانت المسافة مابين منزله وبيتها,بضعة أمتار ,أخذت تستعرض وسامته وجسده الممشوق,ثم غادرت تمشي الهوينا,كانت تحس خطواته وهو يهرولُ في إثرها,شعُرتْ أنها مَشتْ أميالاً وهي تلمحُ بطرف عينها ظلّه يدنـو منها مصحوبا ً بعبيره الذكوريِّ الفواح
*والتَقيـَا, وتزوجا, وتناغما عشقا وهياما ً, وعاشا في جنتهما..حتي باغتها القدر وأختَطفْ حبيبها وحلمها,
شاخَ قلبُها وراحت تتفاني بحرص في إرتداء ثيابا ًغامقةً, صارمة وعند المساء تعود إلي كرسيها العتيق , تمارسُ آلامها , وتستجلبُ صورته , وصوته, كان يروقَها أن يحكى لها الطقوس في البلدان البعيدة , كان كثيرا ًما يشعر بالحُنق والغيظ خاصة ً-في المناسبات- فيتمتم:أين النقاء,الشفافية,الحقيقة,لماذا لا نقول الحقيقة كاملةً؟
وكان يروقها أن تجلس طويلا ً أمام الإطار الكبير الذي يتوسط الصالة, والذي يحوي صورةً كبيرة الحجم له ولبعض رفاقه وهم يُصوبون أسلحتهم نحو العدو وخلفهم جيشٌ من الملائكة يحمي ظهورهم,كانت تودُّ أن تري الجيش الملائكي راجلاً , لكنها تراجعت لأنًَ الملائكة لا أرجل لها,هكذا أخبروها إبّان الطفولة
*أما الآن , فثمّةُ أشواك بالقلب وأشياء مفتقدةٌ ووحشة قاتلة,بعد أن تجاوزت الأربعين من العمر ,فهل ستظلُّ متكأهً علي ذكرياتها وأحزانها تشاهد الطيورالشفقيه والملائكة الصغيرة الشقيّة المُنفلتهُ من أفلاكها لتمرحُ بين أترابها البشريِّين الصغار الفرحين بأعياد ميلادهم,تُضئُ لهم أعينهم الضيّقة التي أختفتْ مؤقتا ً بفعل انطفاء الشموع,
وهي في أوجِ هذا ترسل ابتسامات شاحبة مُجاملةً لأقاربها, وتزرع المكانَ جيئة وذهابا بصُحبةِ طقوسِها وثوبِها الغامق الصارم,تصنعُ حدادا ًهادئا ً مألوفاً يتواءم مع صخب -عيد الميلاد- المُقام ,في تضادٍ مقبول@



@القضة عُنوان المجموعة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.