أعلان الهيدر

الجمعة، 5 يونيو 2020

الرئيسية أمنة برواضي في حوار " مع الناقد ". الحلقة التاسعة عشرة من سلسلة مع الناقد، مع الأستاذ الباحث محمد أوعزيز.

أمنة برواضي في حوار " مع الناقد ". الحلقة التاسعة عشرة من سلسلة مع الناقد، مع الأستاذ الباحث محمد أوعزيز.

 حاورته  أمنة برواضي





السلام عليكم أستاذ محمد أوعزيز.
أولا أرحب بكم وأشكركم على تفضلكم بالموافقة على الإجابة عن أسئلتي.
ليكن أول سؤال:
1 - من هو محمد أوعزيز؟

جواب:
محمد أعزيز من مواليد 1990 بمدينة أبركان شرق المغرب، تابعت دراستي في جميع مراحلها بالمدينة ذاتها، تحصلت على شهادة الباكالوريا سنة 2009، لألتحق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة محمد الأول بوجدة، فَنِلت شهادة الإجازة في الأدب العربي سنة 2012، ثم واصلت الدارسة بجامعة محمد الخامس بالرباط حيث توفقت في نيل شهادة الماستر في الكتابات الأدبية والتربوية بالمغرب سنة 2015.


سؤال:
2 - ألفتم عدة كتب ( مشتركة):
- الرواية النسائية في الوطن العربي.
- عبد السلام بوحجر شاعر الجمال.
- محمد بونيب البوريمي وأثره في الأدب.
- عاشقا يمضي على ظهر حصان.
- الرواية الجديدة المرجع والآفاق.
كيف ترون مستقبل النقد في الجهة الشرقية خاصة والوطن العربي عامة؟

جواب:
قدم النقد العربي في مختلف سياقاته أسماء جادة أغنت المكتبة العربية بإسهامات ماتزال تعد إلى يومنا هذا مرجعا أساسا في مجال تخصصها، ولعل هذا راجع بالأساس إلى تحكم هؤلاء في أدواتهم المنهجية بالإضافة إلى توفر أعمالهم على قدر هام من الرصانة، ناهيك عن النتائج المتحققة في إنتاجاتهم النقدية بفضل الحفر المعرفي والدقة المنهجية.
في مصاحبة هؤلاء، يواصل كوكبة من النقاد الجدد درب الإنتاج النقدي - بأدوات جديدة وفق سياقات معرفية مختلفة- الإسهام في العملية النقدية بأعمال جديرة بالتقدير، بذلك لا يملك المتأمل في المشهد النقدي إلا أن يتفاءل خيرا بالنظر للمتغيرات السياقية، سيما في زمن معرفي أتاح إمكانات كبيرة على مستوى تداول الخبرات والنصوص والمعارف، مما يتيح فرصا أكبر لتطوير الخطاب النقدي وتجديد آليات الممارسة النقدية.
بالنسبة لجهة الشرق، قدمت هذه المنطقة من المغرب أسماء لمعت في المشهد النقدي وطنيا وعربيا، و استطاعت هذه الأسماء أن تبصم على حضور لافت في الميدان الذي تعكف عليه نقديا، فالجهة أنجبت نقادا أضحوا علامات فارقة في مجالاتهم النقدية سواء في المسرح أو الشعر أو السرد، منهم من مايزال داخل الجهة ومنهم من غادر أو هاجر ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر. ولاأظن أن جهة قدمت قامات يفخر بها الوطن ككل عاجزة على أن تجود بمثل ما جادت به أو أحسن.


سؤال:
3 - في رأيكم ما هو مستوى المواكبة النقدية لما تعرفه الساحة الادبية المغربية من إصدارات؟

جواب:
لنتفق أولا، الحديث عن مسعى المواكبة بمعنى أن يوازي الفعل النقدي نظيره الإبداعي من حيث الإنتاج والتحقق النصيين، هذا أمر أظنه من الوهم المُرسَّخ كمطلب وجب السعي إلى إدراكه.
ثم إن سؤال المواكبة ذاته مقلق، أي مواكبة يتغياها الناقد أو القارئ، هل نُقارب كل نص تم إنتاجه أو شملته عملية القراءة؟.
سؤال المواكبة مرتبط أساسا بتصورات الفعل النقدي/القرائي، والغاية المتحكمة في ذلك، فما يثير ناقدا في نص بأدوات معينة قد لا يتأتى لآخر بغيرها، والعكس.
ثم إن ما يكتب بالجهة لا ينفصل عما يكتب بسائر الجهات، لذا فالسعي إلى مواكبة أساسها تفاضلي جهوي قد يهوي بسمو العملية الإبداعية كشرط إنساني مشترك، من ثمة أرى أن المواكبة المبتغاة أو البديلة أن يتم التأسيس لفعل نقدي يروم استجلاء الرفيع وتقديمه بناء على قراءات نقدية منتجة فعالة.


سؤال:
4 - سؤال يرتبط بما سبق، ما هي في تصوركم الشروط التي تساعد على إرساء قواعد نهضة أدبية وثقافية في المنطقة تواكب متطلبات العصر؟

جواب:
صعب أن يتم حتى مجرد التفكير في نهضة أدبية بمقوماتها وشروطها في ظل الوضع الراهن، إذ إن الخوض في هذا الموضوع يقتضي وجود إرادة حقيقية في الإقلاع الثقافي بمستوياته المتعددة، الفكرية والفنية، ضمن رؤية خلاقة للفعل الثقافي، لكن في غياب هذا الشرط، ومع تكرّس الأنماط المعيبة في تدبير الشأن الثقافي بوصفها نموذجا يحتذى في تناغم ذلك مع نزوعات الوصاية، ستظل كل المحاولات الساعية إلى التجديد وفق رؤى مغايرة رهينة الجهد الفردي، أو بمثابة ثقل تتحمله فئة قليلة تحاول رسم المعالم البديلة بما أوتيت من عزم وإرادة.


سؤال:
5 - ما رأيكم كناقد في مستقبل الشعر في وقت أصبحت فيه الرواية تتربع على عرش الإبداع الأدبي؟

جواب:
أجدني في حيرة من أمري حين تتردد هذه المقولة التي صارت بقوة تداولها كأنها مسلّمة، ولعل ذلك راجع بالأساس إلى التصور الذي ترسيه الذائقة الجمعية لماهية الشعر، هذه الذائقة المشدودة إلى تحديدات موغلة في تقليدانيتها، لاترى الشعر إلا في قوالب استخلصت في سياق محدد، فارتكنت إلى ما تم استخلاصه وصارت تعرض كل ما تقابله على ما تكلس من تحديد، من ثمة اتجهت هذه الذائقة في تكلسها إلى مجابهة كل ما تتلقاه بأدوات استقتها من سياق غير سياقها، مما أدى إلى الإقرار بما يشبه المسلمة بانزواء الشعر لصالح الرواية.
لا يمكن أن نتصور الحياة في غياب الشعر، إنه القوة الخلاقة المتسربة في مختلف أنساغ الوجود، أجد الشعر في القصيدة كما أجده في القصة وأتلقفه بين ثنايا النص الروائي، وقد أقبض عليه في تعبير منفلت من شخص لا أعرفه، وقد أعثر عليه في تأملات فيلسوف أو في فتوحات أحد العارفين.. الشعر أسمى من كل تحديد لأنه صنو الكون اللانهائي ..وباستمرار الشعر في الوجود، والكون في شعريته ستستمر القصيدة وتعلن باستمرار عن ذاتها بالزي الذي تبتغيه لمفاتنها ولا يسعنا إلا أن نجدد منظوراتنا باستمرار لنسترق النظر إليها ونتلذذ بعذب سحرها.


سؤال: 
6 - أستاذي الفاضل، ما هي المواصفات التي يجب توفرها في العمل الإبداعي ليجد صداه عند النقاد؟

جواب:
مقولة المواصفات هذه، مربكة، في وجهة نظري تحديد مواصفات معينة من شأنه أن يقود إلى مهاوي الضوابط والقواعد، مما قد يؤدي إلى تسييج العملية الإبداعية وفق أهواء النقاد. العملية الإبداعية فوق أي تحديد مسبق، والناقد قارئ متفاعل مع مقروئه بآليات محددة للكشف عن المخبوء في العمل، لإنتاج المعرفة، إذاك فكل تحديد لشرط قبلي من هذا النوع ربما يسقطنا في وصاية لا تتماشى مع الفعل الإبداعي بما هو فعل حرّ، حرية تتغيا تمثيل العوالم الذاتية والجماعية في تفاعلاتها المجتمعية والسياقية على نحو جمالي معرفي مركب.


سؤال:
7 - لكم عدة مشاركات في ندوات علمية جامعية، ونشرتم العديد من الدراسات في مجلات محكمة...
كيف يكون الناقد حياديا في تعامله مع العمل الابداعي؟ 

جواب:
مسألة الحياد من عدمه تقودنا إلى ممارسة نقدية كلاسيكية قائمة أساسا على المفاضلة، كما أنها تحيلنا على تصور معين للفعل النقدي بما هو انحياز لنص على آخر، وهذا يؤدي إلى إفراز قراءات مادحة أو مجاملة، قراءات ليست من صميم الفعل النقدي بما هو إسهام في استنطاق النص للكشف عن مكنوناته ومحاورته معرفيا وجماليا.
إن قراءة نقدية تتجاوز منطق الإطراء لا تخضع للأهواء أو المفاضلات لأن اختيار الناقد أنذاك لنص معين من أجل مقاربته، لا يقوم على معيار المفاضلة أو الانتصار، فالأمر مرتبط في وجهة نظري بطبيعة الأسئلة التي يثيرها المقروء ومدى استفزاز هذا الأخير للخبرات الجمالية والمعرفية التي يتسلح بها الناقد.


سؤال:
8 - ما هي الإشكاليات التي يمكن أن تعترض الناقد أثناء انكبابه على دراسة عمل ما؟

جواب:
تتنوع الإشكالات وتتعدد تبعا للنص المقارَب، والنص الخصيب هو القادر على استفزاز القارئ ليعدد زوايا النظر فيه، إنه النص المتجدد بتجدد القراءات، نص لا ينتهي، لا يطمئن إلى قراءة أحادية.. لذلك أهم إشكال يعترض الناقد في نظري أن يطمئن إلى النظرة الواحدية أن يستسهل نصا ما بوثوقية فادحة توهم بنهائية نتيجة ما، لذا ينبغي أن يستمر فعل التساؤل تجاه كل نص قيد الدراسة وأن يتم التعامل مع ما تم التوصل إليه من خلاصات بوصفها مجرد احتمال من احتمالات النص الممكنة.


سؤال:
9 - بصفتكم تزاولون مهنة التدريس، ما هو تقييمكم للمدرسة العمومية؟ وأي مستقبل؟

جواب:
لا ينكر أحد فضل المدرسة العمومية في مختلف مراحلها، فغالبية الأسماء الفاعلة في المجتمع اليوم نِتاج لهذه المدرسة، أسماء مُنتجة في جميع المجالات سواء في السياسية أو الاقتصاد أو في ما هو ثقافي علمي.، لكن شاءت الظروف والأقدار أو شاء من شاء .. أن تتعرض هذه المدرسة للعطب، لكن بالرغم من ذلك ما تزال المدرسة العمومية قادرة على العطاء، قادرة على أن تجود بمثل ما جادت به، وذلك بفضل نساء ورجال التعليم المؤمنين بمحورية الدور الذي يقومون به في تمكين الأجيال بما هم في حاجة إليه من معارف وأدوات مفاهيمية تمكنهم من الانخراط الواعي والمُنتج في المجتمع.
شكرا لكم أستاذي الفاضل وفقكم الله في مسيرتكم.


حاورته المبدعة أمنة برواضي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.