أعلان الهيدر

الأحد، 2 فبراير 2020

الرئيسية الضيعة المنسية 1/ الولاجة

الضيعة المنسية 1/ الولاجة

حركاتي لعمامرة


يتراءى لك الريف البعيد بمزارعه الخضراء المنتشرة هنا وهناك ،وبقطعان الأغنام والماعز وبعض الأبقار ،وفي مقدمة القطيع مجموعة من كلاب الحراسة ....
تستقبلك كل هذه المشاهد والسًيارة تشق عباب الطريق ،
كان عمي العربي يغازله النًعاس وهو يقود سيارة المازدا التي هرمت كما هرم صاحبها ولولا مصاحبتنا له لما إستطاع أن يتغلب على سلطان النوم الذي يباغت أهل الصحراء عند القيلولة ...
هانحن نلج قرية زريبة حامد القريبة من زريبة الوادي ونصل إلى الدشرة مارين بقبة سيدي ناجي دفين القرية وحارسها الهادئ قبالة مرتفع صغير أطلق عليه السًكان كدية سيدي ناجي واخيراوصلناإلى العمران
هاهو محمود يستقبلنا بإبتسامته العريضة ليدعونا لإحتساء مشروب نختاره من المقهى الريفي المتواضع ،كان الفصل صيفا فأخترنا قارورة مشروب من مشروبات الجنوب ذات الذوق الرفيع لكنها كانت قليلة البرودة نظرا لأن الثلاجة كانت تشتغل بغاز القارورة مازال الجو لطيفا نوعا ما بباحة المقهى المقابل للمسجد الذي إغتنمنا الفرصة لدخوله لآداء صلاة الظهر ،كانت الدشرة هادئة هدوء أهلها الطيبين ، النسوة داخل البيوت أما الرجال فهم في الحقول يؤدون أشغالهم الفلاحية في حصد القمح والشعير ومحصول الملوخية والحناء ليعودوا في المساء فتسود الجلبة والضجيج ساحتي المقهى الوحيد بجانب بعض الدكاكين الخاصة لبيع مسلتزمات البيوت .
ودعنا محمودا وصاحب المقهى لنتوجه إلى أعماق الريف بالولاجة حيث الماء ينبعث من البئر ليسيل في السواقي المحيطة بالمزرعة الكثيرة الخيرات ،كانت بيوت الولاجة متباعدة عكس بيوت الدشرة هانحن نقترب من مزرعة خالي لمين الذي يشتهر في تلك المنطقة بإسم (الحصان )
،وأول مايستقبلك فيها كلاب الحراسة التي كانت تجري لترافق سيارتنا بنباح لاينقطع ولايتوقف إلا عندما يخرج احد أبناء خالي الذي يستقبلنا بالأحضان ويأمر إخوته بربط الكلاب وتلك عادتهم عندحضورالضيوف ،
نزلنا من السًيارة لندخل البرطال وهو مكان بجوار البيت الطيني الكبير أعد خصيصا لتخزين المحاصيل وإستقبال الضيوف خاصة في فصل الصيف ،لأن البرطال فضاء واسع ومفتوح يدخله الهواء من كل جهة ومنه تستطيع أن تسيطرعلى مجريات الأحداث داخل البيت وخارجه .
إستقبلنا خالي وأبناؤه كعادتهم بحفاوة ... وبإيماءة منه لإبنه الكبير ليحضر لنا وجبة الغداء ،كان غداء صيفيا يتكون من بطاطا وفلفل وطماطم مقلية رافقه صحن للبطيخ الأحمر اللًذيذ إضافة إلى عناقيد العنب من منتوج المزرعة .
تناولنا الغداء لنستريح على حصير تمدد عليه الجميع من أبناء خالي وضيوفهم لكن النوم لم يداعب جفوننا لكثرة الأسئلة التي كانت تأتينا من هنا وهناك عن احوالنا وعن جديدنا ،فكان الإسترخاء الجميل سيد الظهيرة ،أما النسوة فكنً في البيت الكبير وكان هكذا الحال ليحين موعد صلاة العصر وبعدها يحين موعد قهوة المساء حيث يلتئم شمل العائلة في ساحةفسيحة بصحن البيت وكانت زهرة بطلة البيت وكنًة خالي الكبرى إذ تشرف على إعداد وتوزيع القهوة في اقداح رخامية بيضاء كتب على جانبها قهوة طيبة ،كانت الجلسة بين النساء للسؤال عن الاحوال والتفاهم حول كيفية إعداد وجبة العشاء قبيل غروب الشمس في ظل غياب الكهرباء إلا من محرك بسيط يتم تشغيله لمشاهدة التلفاز عند إنطلاق القناة الوحيدة في ذلك الزًمن ،اما خالي وأبناؤه فقد كانوا ينسقون من أجل إستقبال قطيع الأغنام بعد عودته قبيل المغرب وتقديم الأعلاف وحلب النًعاج والأبقار
والتحضير لإستقبال الصباح وماهي إلا دقائق حتى سمعنا ثغاء الأغنام ونباح الكلاب وخوار الأبقار إنها عودة القطيع من المراعي ،هاهم أبناء خالي يمتطون أحمرة ،
كانوايحتضنونني بقوة لأنني جئت لقضاء أيام معهم ،كان اللًقاء معهم رائعا وجميلا وهم يحدثونك بكل براءة وسذاجة ولايخلو الحديث معهم من الضحك الذي يصدر من القلوب الصافية فكانت الساعات تمر سراعا لتبدأ الشمس في المغيب ويظهر قرص الشمس على افق القرية شديد الإحمرار
ليبدأ في التنازل متيحا المجال لظلام دامس في غياب القمر .

مقطع من روايتي بعنوان ( الضيعةالمنسية)

حركاتي لعمامرة. بسكرة/الجزائر 1 فيفري 2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.