أعلان الهيدر

الخميس، 1 أغسطس 2019

الرئيسية قصة قصيرة / السًاقية الفلياشية

قصة قصيرة / السًاقية الفلياشية

حركاتي لعمامرة 
مااحلى ان تعيش في الريف أياما لتريح اعصابك من ضجيج المدن وضوضائها هكذا كان يقول لي صديقي رشيد عندما يزورني بقلب المدينة الذي صار لايطاق ،فرغم التمدن والتطور وكثرة الاسواق وكبريات المحلات ،إلا انً عيبها انها اصبحت مرتعا للمنحرفين ومفرغة للنفايات ومقرا للفوضى ...

لاحظ صديقي رشيد أنني رغبت في الذهاب لزيارته الى بيته الطيني الجميل والذي يتوسط بساتين النًخيل تحيط به السًواقي الرقراقة من كل جانب والماء العذب الصافي ينساب محدثا صوته الموسيقي العذب الذي يطرب الآذان فتبتهج النباتات لقدومه وكيف لا وهو مصدر حياتها وإلهامها ،فكنت تراني اعيش هدوء الريف بكل حذافيره فمثل هذه المناظر الهمت الشعراء والكتاب والرسامين وحتى السًينيمائيين فعشت عند صديقي احلى ايام عمري في مشهد ريفي بكر لايمكن ان تتكرر ...
عاد بي الحنين وانا هناك إلى طفولتي عندما كنًا نعيش بقريتنا التي تقع على جنبات وادي سيدي زرزور الذي كانت تجاوره وتستند إليه ساقية دائمة الجريان هي السًاقية الفلياشية والتي تستمد مياهها العذبة من عين ڨرمودي التي نضبت مياهها وصارت نسيا منسيا ،لقد كانت السًاقية الفلياشية تمر بين حقول النخيل والخضر بمياهها الرقراقة ،وكان لكل واحد من اترابي اوابناء قريتي مع هذه السًاقية حكاية ...
الفلياشية لم تكن مجرد ساقية فحسب، بل كانت ذاكرة جيل بكامله عاش الطبيعة على براءتها بكل تفاصيلها من صيد للضفادع والشراغيف الى صيد العصافير والجري خلف الفراش وممارسة جميع الألعاب وفي النهاية كانت مياه السًاقية هي المهرب الأول والأخير ...وحين الغروب تبدأ أسراب الطيور المغردة تحوم حول السًاقية لتلجأ إلى اوكارها وتبقى الخفافيش وحدها من يزين سماء قريتنا في صعود ونزول لتودعنا هي الأخرى عندما يحل الظلام ليخلد الجميع إلى نوم عميق على وقع نقيق الضفادع وخوار الأبقار ونباح الكلاب وثغاء الخراف ....
وماإن تظهر التباشير الأولى للصباح حتى تسمع صياح الديكة وقوق الدجاجات التي وضعت بيضها لذة للآكلين .
كانت يومياتنا من احلى وألذ مايكون وماإن تحولت قريتنا إلى ملجأ يأوي إليه الجميع حتى غابت السًاقية الفلياشية وغابت معها عين ڨرمودي وراح الإسمنت يغزو قريتنا التي صارت مدينة قروية تملأجنباتها الأوساخ وراحت تلعب الحضارة بنخيلها الذي إستحال أعجازا خاوية وإنتشر القصدير على الروابي المطلة على جنباتها وعمً الضجيج ..
إستفقت من حلمي الجميل فوجدت دموعي قد ملأت عيناي فلم أستطع أن اوقفهما عن البكاء ولكنه كان بكاء كقصيدة نظمها الماضي الجميل الذي لن يمحى من ذاكرتي لأنه ببساطة بقي راسخا في مخيلتي ولن تمحوه التكنلوجيا ولا عواتي هذا الزمان ..




حركاتي لعمامرة
بسكرة27جويلية 2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.