أعلان الهيدر

الخميس، 25 أبريل 2019

الرئيسية بضع ساعات من المرح

بضع ساعات من المرح


إسماعيل أحمد



حياته مملة للغاية الغد يشبه البارحة والبارحة يشبه اليوم وكأن أيام الله إختزالها في يوم واحد يتكرر بإستمرار , لا تعديلات في تفاصيل يومه , ولا يوجد دافع يجعله يتمرد على هذا الملل , لكن يوجد دافع يجعله يتأقلم على حياته الرتيبة هو أن يعيش في سلام لايود أي معركة بينه وبين الحياة , قد تجاوز عمره الخمسين عاما لكن عمره الحقيقي هو عدة سنوات فوق الثلاثين قد توقفت حياته عند هذا العمر حين رحلت زوجته وابنه عنه في حادث...
هو آلان يعيش وحيدا يحاول أن يستأنس بطيف زوجته وهو على فراشه قبيل النوم لكن مجرد أن يغمض عينيه تتحول كل أحلامه إلى كوابيس, لم تعد الحياة توجد داخله , كل صباح يذهب إلى عمله لا وقت للراحة في هذا العمل الذي يستعين به في أن ينسى ما ماضيه...
أفكار سلبية تعتري تعتري عقله هو غير قادر على أن يعصيها ...
مثل كل صباح أعد فطاره ثم تناول القليل من القهوة والكثير من النيكوتين ثم انطلق نحو عمله, يقع المصنع الذي يعمل به على مسافة ليس ببعيدة عن منزله , قد أمتطى قدميه حتى وصل وحين دخل وجد الجميع ينظر إليه لم يفهم شيئاً قبل أن يضع يده على باب مكتبه ليجد منشور قد أعلن فيه رئيسه في العمل طرده من شغله لسبب لا يعلمه...
لم يحزن كثيرا وانطلق ليعود منزله وقد أتخذ طريقاً غير الذي سلكه أثناء الذهاب إلى عمله , لم تقوده قدماه إلى منزله ليجد نفسه أمام قبر زوجته وقد شعر أنهم أحياء وهو الذي قد مات , من حيث لا يدري وجد يدين تربت على كتفيه , نظر فإذا هي بفتاة نظر إليها شعر أن هذا الوجه مألوفاَ في خلايا عقله لكنه لا يدري أن ألتقى بها سلفاً , سألته:
_ هتبص كدا كتير ؟!
_أنتي تعرفيني؟
_أنت مروحتش ليه المصنع؟!
_ عشان اتفصلت من العمل
_ أكيد بسببي أنا أخدت مذكراتك اللي كنت بتكتب فيها وشايلها في خزنة المكتب
_بس إزاي والمفاتيح معايا أنا وصاحب المصنـ.....دا معناه إنك بنت صاحب المصنع؟
_تمام بالظبط كدا
_ياسمين؟
_ آه
_بعتذر لك أنا السبب بابا شاف المذكرات بتاعتك مني وشاف اللي كاتب عنه
_ههههه بجد؟ طب الحمد لله إنه طردني بس
_أيه اللي جابك هنا
_ نفس اللي جابك كنت بزور ماما الله يرحمها
هو يعلم عن طريق أبيها أن أمها قد دفنت في مكان آخر , شعر بشيء من الحياة يجول داخله وبدأ نبض قلبه يزداد هو قد فهم شيئا ما كانت تحرص على أن لا تظهره له رد عليها قائلا
_وأنا كمان كنت بزور مراتي وابني ياسين ماتوا في حادثة من عشرين سنة وإحنا راجعين من المصيف
في إسكندرية_عموماً آسفة إني سبب في طردك من المصنع , كمان أنا هحاول أكلم بابا في الموضوع دا
_طب يالا أوصلك بالعربية , قالتها ياسمين
_تمام

" الحياة ليست مجرد أن ينبض الدم من وريدك لهذا أشعربأنني من الأموات و لقد مات كل شيء جميل في حياتي حين ماتت زوجتي وابني ياسين , هذه الحياة ليست عادلة ما زلت أدفع ثمن أني قضيت بضع ساعات من المرح مع عائلتي على الشاطئ ...."
كان يقرأ هذا الكلام الذي كتبه سلفاً في مذكراته,وبدأ ينظر إلى ياسمين وهي بجواره وقد شعر برغبة شديدة في أن يقول لها شيئا ما, في هذه اللحظة قرر أن يعيش بضع ساعات أخرى من المرح , فالحياة لن تمنحك الحياة إلا حين أن تتطلب منها وهو قرر أن يطالب بحقه في هذه اللحظة قرر أن يطالب بحقه من الحياة قرر أن يقضي بضع ساعت أخريات من المرح
_ياسمين تتجوزيني؟
قالها في لهفة نظرت إليه وهي لا تصدق ما تسمعه بالطبع كم تمنيت ذلك من سنين وقد فقدت الأمل في أن يقول ما سمعت حتى كادت أن لا تصدق أذنيها
_ موافقة
_ طيب بينا عالمأذون , ولا قولك م تيجي نروح إسكندرية
وفي هذه اللحظة عادت له الحياة من جديد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.