محمد مندور
في البدء لمحت في عينيه سخط متلاحق، واندفاع هواء مؤكسد يخرج من بين شفتيه كملامحه المتشائمة، فدخول هذا الأصلع السمين شعور تعس حكاه لي قائلا: لا يحترم القواعد ولا يلتزم الهدوء.
في غمرة سكون روحي صرخ مبتهلا الله الله، نظرات مع نظرته وشتان بينهما، تبجيل لحنجرته الداعية، أمّا هو فانقضاض على كفيه بالتعذير، وكأني أسمعه: أما يصمت يوما؟
الشيخ سعيد رجل حافظ يملأ القبلة بلا تشكيل، يقدمونه برغبته، تأبيه النادر غياب يقتنصه صبي يتغنى بروية، منذ الوهلة الأولى يشغلك بقراءته جهرا، الاستعاذة، التسبيح، دائم الحركة وكأنما يطوف في البيت، فالوقت بين الأذان والإقامة درب من الإصرار المتواصل في العبادة المعلنة والدعاء بلهفة ربما ينسيك خشوعك، يتأخر في الوقوف ليستكمل تلاوته رغم اكتمال الصف، يعلن نيته على الملأ، القنوت واجب في الرفع، كثير النسيان، سلام واحد والآخر يخفضه ثم يسرع في الموعظة، غالبا ما يخلو المسجد إلا من قليل يصحبهم، ولأن الموعد بيني وبين صديقي اليوم، آثرت أن أستمع للرجل رغم شكوته المريرة وأمهلته الانتظار حتى الانتهاء، لم تستوقفني إلا جملة واحدة من الدرس " من صحت صلاته صحت إمامته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق