أعلان الهيدر

الثلاثاء، 20 نوفمبر 2018

خصاصة


هدى قندوز

كانت سمية تسعى دائما إلى إسعاد ابنها سامر ...رغم الفقر الذي أحل ضيفاً عليها بعد أن خرج زوجها إلى الصيد ...إلا أن أخباره انقطعت عنها.

انتشرت الشائعات حول غيابه فهناك من قال ابتلعه البحر، وهناك من قال أكلته سمكة القرش ...وبقيت الروايات حوله كثيرة ...
ولكن سمية كتمت حزنها ...وجعلت من الطين أواني تقتات منهم لقمة العيش و تقتات منها و ابنها. 

وبالرغم من إنها كانت تعاني الامية ...إلا أنها كانت تحفظ بعضا من دينها ...ولديها أخلاق ...ترفعها وجعلتها محببة لدى الجارات 

وبدأ يكبر ابنها سامر،  وبدأت مطالبه تزداد .

ذات مرة طلب منها شراء دراجة مثل باقي أصدقائه ...فكلما شاهدهم إغرورقت عيناه ...وأسرع لأمه يطلب منها شراءها ..
ولكن ما بيدها حيلة ...فهي بالكاد توفر لقمة العيش .

ازداد سامر شغفاً و إصراراً على شراء الدراجة ...وأصبح يتجاهل نصائح أمه، ويتهاون في دراسته...
ذات مرة غاب عن أنظارها منذ طلوع الشمس. ..كانت تنتظر كعادتها عودته ...كانت تراقب الطريق لتراه عائداً من مدرسته ولكن هذه المرة طال انتظارها و لكنه لم يظهر بعد ...كل رفاقه عادوا إلا هو ...فاتجهت صوب المدرسة علها تجده مازال بها، و ما إن وصلت وبدأت تسأل عنه حتى أخبروها أنه لم يأتِ اليوم .

تحسرت السيدة سمية على ابنها الوحيد ثم أخذت تتحسر وتدعو أن يرجع لها ابنها سالما. 
حل المغيب وماتزال  تبحث عن فلذة كبدها، وسكان الحي لم يتركوا مكاناً إلا وبحثوا فيه ...لكن دون جدوى ...لقد اختفت آثاره و لم يعد .

بدات تبكي والجارات تواسيها ...زاد ألمها غيابه ألم غياب والده ففي مثل هذه المواقف تسود الأفكار السوداوية حاملة في جرابها الكثير من الأسئلة. 
-أتراه غادرني مثل أبيه؟
-أتراه ذهب للعمل ليشتري دراجة؟ 
إنه صغير على تحمل عناء العمل
- إن سنه ثمان سنوات لا يقوى على العمل

وبينما هي في دوامتها تلك إذ بزوجها يطرق الباب ...فانفضت النساء من حولها ...وراح يلقي التحية عليها و على الحضور وهو لا يعي على ما اجتمعوا
-ما الذي حدث في غيابي يا سمية؟
أخبرته عن غياب ابنها و هي لا تعلم أين ذهب، ولا ما حدث لابنها. 
-كفكفِي دموعك يا عزيزتي سنعثر عليه اطمئني. 

و بينما هم كذلك حتى صاح أحد الجيران : سامر بخير.. 

لقد ذهب مع صديق له في حي بجوارنا ليريه دراجته الجديدة، و قد رأيتهما عائدين الآن من الطريق الرابطة بين القريتين 
عندها عادت البسمة لوالديه وأسرع إليه ليعيده إلى أمه. 

فكانت الفرحة فرحتين عودة زوجها وعودة ابنها الى حضنها 
ومنذ ذلك الحين عمت الفرحة بيت اسماء وصار لسامر دراجة اشتراها له أباه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.