أعلان الهيدر

الأربعاء، 25 يوليو 2018

الرئيسية سيرينادا " الحمراء"، قراءة انطباعية في كتاب " على حبل الذاكرة " لوحيدة رجيمي ( وحيدة عنابة )

سيرينادا " الحمراء"، قراءة انطباعية في كتاب " على حبل الذاكرة " لوحيدة رجيمي ( وحيدة عنابة )



إلهام بورابة
إنّه عزف،
صوت البحر المعزول.
شرفة عنابة الأنيقة ، وجهة الرحلات ، وااستقرار الأقدام.
إنه عنابة الحمراء ، من بلاط ساحة الثورة إلى ردهة راس الحمرا
لكن ليس بوسعنا أن نسكنها ، وليس لقلة الترحيب ، فهي تفتح ذراعيها من لحظة إلى عمر. لذلك فلا حاجز من اللغة لنقيم فيها.
...
على حبل الذاكرة ، وكل حبل عليه ما عليه هو مشدود من طرفيه إلى نقطتين متقابلتين ، الابتدائية أصليه ، والأخرى صورة لها بتطبيق ما . التطبيق هنا هو التعليق والنقطة الابتدائية ما حدث فعلا وصورتها الذاكرة.
هي مسافة إذاً تتموضع عليها الذكريات ، مشدودة. فمن المنطق أن يكون فيها ترتيب أَوهنُ معاييره التأريخ وأشدّه الأثر العاطفي.
...
على حبل الذاكرة ، مباشرة.
عنوان ، يا لدقّته !
بل يا لشدّة الحبل ، ولا حبل في البدء غير الحبل السري. وأوّل الصّدمة . وأوّل الانفصال الجسدي. هو نص الانفصال عن الحبيب ، الفقد الأبدي إلا لقاء جنة الخلد. تقول وحيدة : عاد من غابوا ....وماعاد ونيسي. وبقيت ونيسة الوحدة.
انقطع الحبل من شدة الذكرى ، وانفرطت الذكريات شريدة كأفراد كيميائية. فألاحقها ، أمسك الواحدة من يدها تحترق يدي.فألحق بالتخاطر " أطياف الذكرى".
إنها ذاكرتي أيضا ،ف" تعانقنا وأجهشنا بالبكاء". عدت إلى الإيدوغ ، إلى قصر الزان وتزوّدت بنسيمات الصنوبر لكني خرجت أشد ألما لولا قشرة من الفرنان اجتهدت في سلخه.ووحيدة تردّد : ولكن مامن جدوى".
خرجت من أطياف الذكرى إلى شعور بالحرارة / حمّى. وجبيني يبكي. حسدت كوحيدة النوارس حلّقت مبللة بعرق المحبوب. وأعود وأطمئن ، أضحك وأنا ألتقي بنص " بين بوح وقلم" يعصر قبلة : القبلة أن ترتشف نبيذ الشفاه على مهل . هي تتبخّر في الطريق إن كانت على عجل". فيم العجلة إذاً؟ أستأني الذكريات. أستأني مع وحيدة الشمس في " رذاذ الصيف" . أتنغّم معها " يا شمس يا منورة غيبي وكفاية ضيك ياحبيبي" أدخل معها الليل وآخره. أستدعي أم كلثوم في ألف ليلة وليلة ، وأقول للشمس ، تعالي تعالي بعد سنة ، مش قبل سنة .وشادية ، أقول لعين الشمس ما تحماش. لكن العمر دورة سريعة حول الوهم. لولا التفاؤل و" روائح الحناء". فأذكر هيلانة صديقتي تقول أتفاءل بالصيف لأنه يبشّرني بالخريف. كذلك تفعل وحيدة في هذا النص. تزحزح المفردات من الحزن إلى المسرّة ( من محنة إلى منحة، من رجيمي إلى رخيمي) تليّن وتسهّل فهنا حقا خلطة أعشاب مليّنة لعسر المشاعر.
وتمضي في تفاؤلها بسيرة الملّاح والحورية ، كأنها من ألف ليلة وليلة ، ليتزوج الملاح الحورية وعاشا في ثبات ونبات وخلفا صبيانا وبنات لا استعجلهما هادم اللّذات.
فما أحسن الكلمة ! " تعدّل نسبة السكر فيستفيق هرمون الحبور" ، فهذا غيض من فيض الروح ، أم من خيط الروح يا وحيدة؟ فأنت باهظة، باهظة الكرامة. فهل لي أن أراجع ما بدأته؟ مابدأناه معا؟ ليكون بدل حبل الذاكرة ، خيط الروح؟
-لكنّها " أوراق من رجع الصدى"
-وحق الأبجية؟؟
-أحلامنا طيّارة ورق
-بل، أزهار القلب الدامي
-ألأنها أوان الفقد؟ ف ، ماذا لو؟
-لالالا، ذاك نصّ عسير تقول وحيدة. فأرد:
-بل يسير. وأشدومن نصّها : نبضك عسير * خدّك سعير* بالك أسير* ألا أن العشق دفين* حرقة خدين* مداده أنين.
أرأيت كم هو سلس يا وحيدة؟
فتردّ وحيدة : بل هو " حب يتوارى" حين الطبيعة تجاهر والليل يغازل النجوم.
....
إنّها نبضات وحيدة / ومضات
" جعلت من حضنه مخدعا لأسرارهاا، فضحها عطره"
فهل كانت حقا وحيدة؟
لا عليّ ، تكابر وحيدة ، إنّه يغفو أيضا وحيدا / النوم.
فكم نحن فرادى ، ونحن جمع !
تفرّقنا الأمكنة وتجمعنا الذكريات، يجمعنا الشبه ، وتفرّقنا الأسماء.
فكم ظل مارك يسألني : أنت وحيدة؟ ويسألها : أنت إلهام؟ فنضحك.
وأوقّع هنا ، أنا إلهام ، قدّمت لكم شقيقتي وحيدة بما أسقطت من على حبل الذكريات في يدي ، ليس لمكر ، وإنّما لأشم عطرها ينزّ بأثير الصنوبر. لكن لابأس ببعض المكر من لدن أخت لدود، فوحيدة أدخلتني المحكمة وتمّ اعتقالي بتهمة الجرم المشهود / تهاوني في شدّ حبل الذاكرة كما ينبغي.
وحيدة متأثرة جدا بتخصّصها في مجال الحقوق ، فكانت المحامية والقاضية والمتهمة ووكيل النيابة ، وانصاعت لها الجمل والمفرات ، لولا نجاة أخرى ملتحقة بالصحة ، الوسط الوظيفي للكاتبة. فشخّصت وعالجت ومرّضت . لكن، لا يخلو من الشعر القلب السقيم. فترتقي وحيدة في الشعر حتى كماله ومثاله في نص أزهار القلب الدامي من البحر الكامل:
يا سائلي حبا مضى موعده**** أيمن القلب السقيم بما فقده؟
قلبي من الإحساس جرّدته***** والوجد بفتيل شوق موقده.
وحتى في درجاته الدنيا فبحر شعر وحيدة خليج عنابة الكبير. تحب البحر كأنها تعرف ماكان عليه فعله قبل أن يرشده الله. حملت إليه ذكرياتها فصنع لها ضحكة بقامة أمواجه القديمة المحنّطة على جبل الإيدوغ مرصّعة بأغرب أصداف المحّارات. فكانت ذاكرتها من مقام حكايات ألف ليلة وليلة ، بين الجان والمرجان. وليست خواطر كما ذكرت في الغلاف.
إنها من مقام المقامات ورغم حرصها على البديع من جناس وسجع والإسراف فيه ، فإن ذلك لم يبطئ بها أو أرجعها إلى عهد ولّى . بل أسرع بها إلى الحداثة ، من زمن شخص يدعى بديع الزمان الهمذاني، إلى زمن هو بديع الزمان العنّابي. وزمن عنابة هو زمن حداثي جدا ومتقدّم على كل مستقبل نراه. 
كانت هذه وحيدة عنابة . عنابة التي قال فيها محمد بوضياف رحمه الله : إنّ حبنا لعنّابة ، هو من أسباب إيماننا بالمستقبل".
أحبك وحيدة بقدر ما أحب " عنّابة".
بقلمي أنا / إلهام بورابة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.