أعلان الهيدر

الثلاثاء، 1 مايو 2018

" ومضات "


محمود حمدون


وقفت اليوم أمام مقامه الصغير , المتحصّن بجدارين , أربعون سنة مضت على اختفاء"عزت " هكذا اسمه , يختلف عن باقي أسماء الصبية بالمكان , نحيل يشوب بشرته شديدة البياض شحوب , ضرير لا يرى من العالم سوى ومضات تضرب عينيه على استحياء كل فترة ,

رأيته بحالته هذه منذ بواكير الصبا , سريعاً في مشيته , يتحسس الجدران كأنما لغة مشتركة بينهما , يعرف مواطن البيوت , مواضع العثرات و المنعطفات بالحواري.
غاب ذات يوم , كان يسير كعادته عقب صلاة الفجر ,ثم توارى بين جدارين بمنعطف معتم , لم يظهر بعدها أبداً , شاع فنائه بالجدار , حديث لم ينكره قدامى السكان , ثم تردد كنار اشتعلت بهشيم بين ربوع المكان .

صاحت عجوز عُرف عنها الورع : تلك معجزة في غير أوانها , اجعلوا موضع اندثاره مقاماً, فعل القوم من فورهم , كل عام , قبيل الفجر بقليل يوم اختفائه , يطل على العالم مولود ضرير , شديد البياض , مشوبة بشرته بشحوب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.