أعلان الهيدر

الجمعة، 9 فبراير 2018

الرئيسية مَنْ قَتلَ تُفّاحة.؟!

مَنْ قَتلَ تُفّاحة.؟!



بقلم أم البنين

الكاتبة/ أم البنين
اسـتَفاق الحَيُّ الغارِقُ في سَكْرةِ السّهر والتّعب النّهاري على وَقْعِ جريمة غامضة،سرعان ما انتشر خبرها بيـن المتساكنين..طالت أصداءها المدينة بأكملها و راحت الأفواه تسرد الواقعة بإضافة العديد من اللمسات العشوائية التي أعطت الحادثة أبعادا أخرى،زادتها إثارة وغموضا،لتنفلت خيوط الحقيقة و تتشابك فيغيب في ثنايا الوقائع الخبر الأكيد..

الحي المسكون دوما بالاشاعات ينام ليلته على صفيحة ساخنة من التأويلات المتضاربة،لتتيه كل الأسئلة الفرعية في غضون سؤال واحد.. من قَتَلَ تُفّاحة.؟! الإجابة لا تبدو سهلة والسؤال أصعب من أن تُفَكّ رموزه بتكهنات لا ترتكز على أدلة ووقائع،لتضارب الأقوال وانعدام أي خيط سري يوصل رجال الشرطة الجنائية إلى الفاعل ووضع نقاط حروف التحقيق على مسرح الجريمة..الجواب الوحيد المتوفر حتى الآن وجود جثة،الحثة قذفتها أمواج شاطئ الحي،ويظهر على الجثة آثار بليغة لعمليات تشويه متعمدة لإخفاء معالمها و تظليل سير التحقيق،هذا ما أكدته المعاينة الأولية..لكن بعد إعادة الفحص الجنائي وتوسيع دائرة البحث تم تحديد هوية الجثة من خلال تعرف بعض الصيادين عليها حينما أجمعوا على أنها ل-تفاحة-تلك الفتاة التي كثيرا ما كانت تتردد على الشاطئ،تمكث بين صخوره،تتأمل هدوءه و غضبه بنشوة عارمة وكأنها تجمعها به سابق معرفة،ثم تمضي متلكئة يتبعها الغموض و ذاك الشرود المفصول عن تيار الواقع..

تفاحة تلك الفتاة الغجرية الملامح المنفصلة عن واقعها منذ مدة بعيدة ولم يعد يربطها به غير بعض الخيوط الواهنة و شبه تصرفات لا إرادية محاكية فقط لنساء الحي،ما زال يحتفظ بها جزء من ذاكرتها المشوهة،و قليل من ملامح جمالية تحرك في الناظر شعور الإعتراف على إنها هيكل أنثوي وهي تمرّ في شوارع الحي متنقّلة بين ازقّته الضيقة بجسم مكتنز و تسرحة شعرها الفوضوي المجعّد و لباسها المتناسق قليلا،تنورتها السوداء بنهاية بيضاء ملطخة و حقيبة يدها الرمادية الداكنة المحشوة حدّ الإهتراء بشبه أغراض متاَكلة فمن لا يعرفها يظن أنها طبيعية إلا أن تصرفاتها الهستيرية في الشارع تفضح مداركها العقلية وهي تتعرض لمضايقات لفظية من شباب الحي،لحظتها تتحول-تفاحة-المسالمة الوديعة إلى ذئبة شرسة تبرز أنيابها الحادة و تحول الطريق و الشارع الهادئ إلى ساحة قتال رهيبة أسلحتها فيها الحجارة و الزجاجات الفارغة و كل ما سقطت عليه عينيها..فلا تهدأ لها ثائرة إلا بتدخل من المارّة وقتها تنسحب-تفاحة-مهدودة القوى وهي تغمغم بكلمات بذيئة مرتبكة،ثم تتجه صوب الشاطئ تاركة وراءها أشياءها،حذاءها، حقيبتها،وعيون المارة المُنْتهِكة..

“تُفاحة”الغريبة عن الحي،فسكانه لا يعرفون عنها الشيء الكثير،أخبار نسائية متناقلة تقول أنها ليست من سكان الحي ولا من أهل هذه المدينةهي فقط في أحد أحيائها المعزولة مع عجوز طاعنة في السن تَدّعي أنها جدتها و أنهما الوحيدتان اللتان نجتا عملية إبادة جماعية تعرضت لها عائلتهما،إذ قُتل إخوة-تفاحة-مع أمها و أبيها و كل أقربائها أمام عينيها من طرف ملثمين مجهولين زارت سكاكينهم الحادة قريتهم ليلا..بعدها تتعرض-تفاحة-في ذات الليلة لعملية اختطاف،تمكث في الجبل كسبية حرب أزيد من عام تتناهشها مخالب المتعة القميئة و ترحال الأجساد،ليسقط الجميع في كمين للجيش ليعثر عليها وهي فاقدة للوعي على حافة طريق جبلي،تنقل إلى المستشفى لتخرج منه على هذه الحال،زائرة غريبة تحول سكون الحي إلى طاقة من الضجيج يملأ زوايا الشارع ومنعطفات الأزقة،ثم تختفي لأيام حتى يتهيأ لمتساكني الحي أنها رحلت إلى الأبد…..


.عن قصة/من قتل تفاحة..؟! من مجموعتي القصصية(سنابل على أرض ملساء)
أم البنين/الجزائر

القراءة من المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.