أعلان الهيدر

الاثنين، 12 يونيو 2017

شتات



 .
بقلم:سعد نجاع

بينما كنت عائدا أرفل في قميصي الأبيض، أجُرُّ حذائي الصيفي في الطريق التي كانت تشبه السراب إلى حدٍّ بعيد حتى خُيل إليّ أنني أدفع بقد مي الماء ،لكن حرارة الطريق كادت تلتهمني، حينها كانت تنتظرني لأُفَسِّر لها حلم البارحة، ذلك الحلم الذي أفسد راحتها وراح يطردها من النوم في الهزيع الأخير من الليل، وعقابيل الخوف تسكن مفاصلها، هي امرأة هشّة أسيفه نوعا ما وأكثر ميولا إلى تصديق الكوابيس وحتى تلك التي تأتي في وضح النهار...


كنت أجُرُّ حذائي كمن يجّرُ أذيال الهزيمة بعدما نال التعب مني، وابتعَدَتْ السماء وغادرت نسمات الصيف الباردة التي تأتي لتُرَوِحَ عن البسطاء، واستولت الشمس الحارقة على الفضاء بأكمله وركعت كل المخلوقات لها كأنها تعتنق دينا جديدا، لكنني حين رأيتها تضع يدها على جبينها تبحث عن ظلٍ تنعم فيه ساحة عيناها الجميلتان كواحة تتوسط البيداء تحفُّهما حاجبان منحوتتان كسعف النخيل مملوءتان عند بدايتهما وحادّتان في نهايتهما ،وضعت قميصي في فمي أسبق العمر لألتحق بآخره ثم هرولت صوبها، لم أكن قادرا على الجري لأنني اعتنقت مشارف العمر الأخير ورحت أتحسس رأسي كأن بي أبحث عن عمامة في عزّ الشباب، ذاك اليوم الذي كنت فيه خاوي الوفاض لا أحمل في يدي غير وشم مرسوم منذ الأزل وساعة جيب ضاعت عقاربها و حرّ الصيف الحارق ... لم يبق بيني وبينها سوى بضع خطوات كانت كافية لترتمي في كياني الذي أخذته لهفة الشوق فقفزْتُ كطفل صغير وبحركة القط المتمرد ليصطدم رأسي برأسها فسقطنا الاثنين معا، ضاع حلمها الذي كانت تبحث له عن تفسير، وضاعت ذاكرتي تلك التي رأيت فيها مشاهد حياتي الثلاثة من الطفولة إلى المراهقة وصولا إلى الشيخوخة... أنــا رجـــل تأتــيــني الأحـــــلام فـأقــــتـــلـــهـــا...                                                                                                                                         
                                                                              سعد_نجاع
































ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.