أعلان الهيدر

السبت، 8 ديسمبر 2018

الرئيسية قصة قصيرة / البتول

قصة قصيرة / البتول


حركاتي لعمامرة


مريم البتول هي مريم هذا الزًمان كل من عرفها من قريب او بعيد يشهد لها بالخلق الجميل ،تحب الآخرين حتى النخاع لا عيب يشوبها حرة بنت حرة تحب الخير والعمل الخيري ،عانقت مرة قمرا في ليلة غائمة ،كانت الغيمات قد غطته وغطتها ،أخذتها الغيمة بعيدا...بعيدا ،عاشت احلامها وحدها مع قمر غاب وتوارى فلم يبق منه غير ضوء خافت ،ولما إستيقظت مريم من غفوتها كان الحلم قد إنتهى ...حزينة هي لإنقضاء الحلم في ثوان معدودات وهي عادة الاحلام السعيدة ،فهي عادة لاتدوم لتفتح للحزن بابا مشرعا ،هوقلبها المسكين كبير كبر هذا العالم الذي صار غريبا في نظر مريم ...
كلما مررت بها لأسألها كانت تشير إلى صبي كان ينام على ركبتها وكأنه المسيح غير أن الصبي لايتكلم بل يصدر صوتا حزينا كصوت الناي الحزين ، كان صوته كعصفور حزين خنقته غربة السجن اللعين ، كان ذلك الصوت المخنوق يتهادى من بعيد إلى مسمعي : 
أنا مسيح هذا الزمان لكن لغتي من زمن البتول وعيسى وموسى لن يفهمها غيرك ياعماه ،انا لم أختر هذه اللًغة ولدت بها لا أفهم غيرها ،هي غريبة عنكم اعرف ذلك لكن أحسست انك تفهمني واحمد الله انك كذلك...
هذه المرأة ليست أمي ،هي نجمة كانت تعانق قمرا فوق السحاب ،عانق القمر التخوم الباردة وودع النجمة الحزينة فعادت اليكم تحملني بين ذراعيها وهي تقبل وجنتي وكلها عفة وطهر ، قد نذرت للرحمان صوما عن الكلام فلاتلوموها ولا تتهموها ،هي قلب طاهر بريء من عفونة هذا الزمان الأرعن اللًعين هي بسمة المسيح وطهر العذراء البتول وهي جمال يوسف وبلاغة المسيح في مهده ،وفصاحة خير الخلق محمد...

ثم واصل الصبي كلامه بعد ان وضعته مريم في مهده:
ياعماه هذا الزمن تعيشونه غابت فيه الخوارق والمعجزات ،وعمت فيه الجرائم والموبقات فصرتم تسمعون مايشيب له الولدان ويعجز عن وصفه اللسان وصارت شاشاتكم الجرائم كانها تنقل المسرات وتأقلمتم فصار كل قبيح مذموم عندكم عادي وغير ملوم ...قبح وقتكم بل قبحتم ،وانا صبي عفت عالمكم ،جئت مرافقا لنجمة هذا الزمان وسأغادر عالمكم إلى غير رجعة عندما اطمئن على البتول ويوم تنطق هي اكون من الغائبين .
نمت ومانامت مواجعي والبتول ساكتة لاتنبس ببنت شفة ،مر اليوم واليومان وثالث ليغيب الغلام بمهده عن الأنظار ،اما مريم فعادت لبسمتها كما كانت لاتذكر شيئا عن القمر ولا الغيمات ولا الغلام ،ذكرتها بالغياب الذي طال لكنها ماتذكرت شيئا غير أنها قالت :
أذكر أنني نمت فرأيت حلما لم يدم غير بضع ثوان...
أيها العابرون على ركح الحياة ، والذاكرون لله والذاكرات والحالمون بمستقبل زاهر والحالمات إذا مارايتم مريم يوما فأقرؤوها مني السًلام ..


حركاتي لعمامرة. بسكرة 5 ديسمبر 2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.