أعلان الهيدر

الجمعة، 12 أكتوبر 2018

الرئيسية قصة قصيرة / " ماما " ؟؟؟!!!!

قصة قصيرة / " ماما " ؟؟؟!!!!


بقلم/ سليم عوض عيشان ( علاونة )

(( أحدث ما جادت به قريحة الكاتب ))

إهداء :
إلى تلك الطفلة التي ما زالت تصرخ وتنادي ... " ماما " ..
وإلى كل طفلة ما زالت تنادي : " ماما " .. ولن تمل النداء ...
وإلى الأم الشهيدة 
والنص إهداء متواضع من الكاتب إلى كل الشهداء والشهيدات من الأطفال والأمهات .. الشباب والآباء .. في الضفة الغربية الحبيبة ، الذين استشهدوا ضحية الحملة الوحشية الهمجية لقطعان المستوطنين وجنود العدو .

تنويه :
النص مستوحى من فكرة حقيقية حدثت على أرض الواقع ... بأحداثها وشخوصها .. وليس من فضل للكاتب على النص اللهم سوى الصياغة الأدبية فحسب .
( الكاتب )
--------------------------

" ماما " ؟؟؟!!!

- " ماما " ... " ماما " ... " ماماااااااااااااااا " ...

.. تهيم على وجهها في الطرقات والأزقة .. في الشوارع والحواري .. وهي تكرر النداء .. وترفع عقيرتها بالصراخ المدوي :
- " ماما " ... " ماما " ... " ماماااااااااااااااا " ...
... لا تلبث أن تهرول مسرعة هنا وهناك .. وفي كل اتجاه .. على غير هدىً .. تدور عينيها في محجريها في كل ناحية بحركات لولبية سريعة ... وكأنها تبحث عن شيء ما فقدته .. وهي ما زالت تكرر النداء في كل اتجاه وفي كل ناحية .
فإذا ما ملت الصراخ والنداء .. بعد أن يهدها التعب ويرهقها الصراخ ... حتى تبدأ بالتهاوي إلى الأرض شيئاً فشيئاً ... وهي ما زالت تكرر النداء .. وبدرجات متفاوتة .. وطبقات صوت متدرجة بالتدني .. حتى يتلاشى صوتها تماماً .. فتسقط على الأرض نائمة .. أو لعلها مغشياً عليها .
.. طفلة صغيرة هي .. لم تتجاوز الثامنة من عمرها بعد .. ذات أسمالٍ بالية ... وثيابٍ مهلهلة .. منكوشة الشعر .. حافية القدمين ..
هي لا تمد يدها نحو أحد تستجديه .. أو تسأله أن يهبها شيئاً .. أن يهبها نقوداً أو طعاماً أو شراباً ... ذلك ببساطة .. لأنها ليست " شحاذة " .. ولأنها لا تستجدي أحد .
.. في كل مرة كانت تسقط فيها على الأرض متهاوية .. كان يتراءى لها ذلك المشهد الرهيب .. الذي كانت قد شاهدته رأي العيان ... وحدث على مرأىً ومسمعٍ منها ... قبل وقت وجيز .

فمن بين تلك الغلالة الضبابية الكثيفة التي كانت تغطي عينيها ... كان المشهد يتدافع بتواتر سريع .
مشهد ذلك الجندي الفظ من جنود الاحتلال .. الذي كان قد انقض على أمها بعد أن اقتحم المنزل عنوة بصحبة مجموعة كبيرة من جنود العدو .. وراح يكيل للأم الضربات المبرحة جزافاً في شتى أنحاء جسدها ووجهها .. بينما كان يسب ويشتم بصخب وجنون .... لا لشيء إلا لأنها لم تفتح له الباب الخارجي للمنزل .. ولأنهم كانوا يقومون بحملة تفتيش شاملة وحشية همجية مسعورة .

.. حاولت الأم أن تدافع عن نفسها وبقدر المستطاع .. وهي المرأة العزلاء .. راحت تنشب أظافرها في وجهه وعينيه ..
عندما رأي الجندي الفظ تلك الدماء التي أخذت تنساب من وجهه وعينيه .. جن جنونه .. صوب سلاحه الأوتوماتيكي ناحية صدر وقلب الأم ووجهها .. راح يطلق زخات متتالية من الرصاص نحو الوجه والصدر .
لم تلبث الأم أن سقطت إلى الأرض شهيدة مضرجة بالدماء .. 
الطفلة الصغيرة لم تلبث أن اندفعت نحو الجندي الفظ الذي كان يطلق الرصاص بكثافة وغزارة نحو الأم .. كانت محاولة متواضعة يائسة من جانب الطفلة لمحاولة إيقاف سيل الرصاص المنهمر إلى صدر الأم ووجهها .
طوح الجندي الفظ بالطفلة في الهواء .. بضربة قوية من مؤخرة سلاحه القاتل .. الضربة تلك .. كانت كفيلة بأن تلقي بالطفلة إلى البعيد .

.. غادر الجندي الفظ والجنود الذين كانوا يرافقونه المكان .. وهو يسب ويلعن ويلعق جراحه والدماء التي انسابت من وجهه وعينيه بغزارة ... بينما كان الدخان الكثيف ما زال يتصاعد من فوهة بندقيته .. وهو ينظر بوحشية إلى جسد الأم المسجى وسط بركة الدماء ..

.. حاولت الطفلة أن تنهض من مكانها الذي كانت قد سقطت فيه .. لم تستطع النهوض .. راحت تزحف وتحبو علي يديها وركبتيها ناحية جسد الأم الغارقة في بركة الدماء .

عندما وصلت الطفلة ناحية جسد الأم الشهيدة بعد لأيٍ شديد .. ركزت بصرها في وجه الأم ... وراحت تنادي وبصوت مدوٍ :
- " ماما " ... " ماما " ... " ماماااااااااااااااا " ...

(( انتهي النص .. ولم ينته صراخ الطفلة .. ولم تنته الملحمة ))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.