أعلان الهيدر

الأربعاء، 18 أبريل 2018

الفلك يدور !...


رحو شرقي

وأنا في حضرة الجدة يمينة رحمة ربي عليها ، خيل لي ؛ ان الذي آراه من سماع الحكاية حقيقة من الماضي تجلى على حاضري !..
مازلت بين السكوت والسكون متأرجحا ، حتى أستويت على منظر وكأنه قصر الاميرة ، شدني اليه بذهول ...
قد صدق من قال " العلم يبني بيوتا لا عماد لها " كذلك الاخلاق ... .
غادر زوجها الدنيا وترك لها مآسي الطفولة وصغيرها الرضيع ، فحلت بها حياة الشقاء ، كغيمة حجبت نجوم السماء ؛ بليل يطارد فلول نهارها ...
ظلت تلك المسكينة تكد وتجد بإراقة عرقها ، في خدمة عائلة ممتدة الثراء بين باحة القصر والدور . 
لتقسو عليها صاحبته ، كما يفعل الجلاد بالضحية !.. 
من اجل رغيف صغارها وغرائر الدقيق الذي يسد رمقهم ...
اذا تعجلت للرضيع ، اخرتها نكرا ومكرا وفي كل مرة تنظر اليها تلك المقهورة نظرة تواري الغبطة والسرور وهي تقول : " الفلك يدور ، الفلك يدور " ...
لم يمض على صاحبة القصر بِضعة أعوام ، حتى نزل بها مالم يكن في الحسبان ...
توفي سيد القصر وتلاطمت ايادي عزوته على الميراث ، حتى اصبح وجه السيدة صامتا متحجرا ، لا تلمع فيه بارقة ابتسامة ولا قطرة بشاشة ...
ان العهد الذي بين الاقوياء والضعفاء كسيف قاطع وغل شائع ..
اما تلك المسكينة البائسة وكأنها برّت بيمينها برّ الوفي بعهده ...
فأصبح الرضيع الجائع العاري سيدا مع اخوته ، فمنهم المتعلم والتاجر ؛ كلهم ميسورو الحال ...
واما صاحبة القصر عادت تخلو بنفسها وأنفض من حولها حتى الخدم !..
أصبحت وحيدة منقطعة ، لا ترى من حولها الى الشقاء .
بيع القصر وذابت الجواهر والتيجان وبقيت على العراء ، تبحث عن ما يعيل بقاءها .
في ذلك اليوم طرقت بابا عله يوفي المقصود ...
تقدمت لها صاحبة البيت مذهولة وامسكت بطرف ردائها ، تحدق إلى وجهها طويلا ....طويلا....
ثم سألتها مابك ياسيدتي ؟.
فقالت لها : أطلب عملا وهي تمشي معها وتقص عليها مصابها ...
حينها ، تذكرت تلك السيدة التي كانت خادمة لها ما عانته ...
إن الزمن ليس له صديق حميم .
فلا مراد لعادية القضاء .
و ثارت في نفسها بكاءا شديدا ، حتى نسيت طارقة الباب مآسيها ...
فالقدر كفيل بترجيح الموازين لأصحابها ...
أبقتها في بيتها اكراما لحالها وشكرا لمخائل النعمة .
إن العجز على أن تكون اقوى ، هو الانتظار لمنال الضعفاء .


اهداء الى N.z

بقلمي ر . شرقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.