أعلان الهيدر

السبت، 11 نوفمبر 2017

أنشودة عقوق


بقلم / سعاد إلزامك

ما إن يدخل من البابِ حتى يهتفُ باسمِها ، تجري إليه ليلتقطها بذراعيه ، يؤرجحُها كعصفورٍ في الهواء ، يرشفُ قبلاتِ وجنتيها حتى تثمل شفتاه ، يُحيطُها بأحضانٍ ملؤها الشوق حتى تتخدرُ ذراعاه ، يُدللُ خصلاتِ شعرها الحريري بأنفاسِه الملتهبة .
غارَ أشقاؤها و أمُها دون أن يُظهروا حنقَهم حتى لا يُثيروا حفيظتَه فمجرد تقطيبه واحدة تخُط جبينَها هي بمثابةِ مفتاح يفتحُ أبوابَ أعاصيرِ ثورتِه لتقتلع الأخضرَ و اليابسَ من حنانِه تجاههم ، وشموها بالمُدللة .
اشتدَ عودُها الأخضر ، و بدأتْ براعمُ أنوثتِها في التألق ، أنهارُ الجاذبيةِ أوشكتْ أن تتفجر من براثنِ الطفولة ، و بدأ الحياءُ يُخضبُ وجهَ المدللةِ بلونِه الأحمرِ القاني . انحسر اللقاءُ بينها و بين أبيها لدقائقٍ معدودةٍ تتناولُ فيها الطعامَ على عجل ، و أثناء بعض اللقاءاتِ العائليةِ التقليدية ، اشتاط قلبُه المُتيم بطفلتِه من الحنقِ على خجلِها ، فأضحى يلعنُ بذخَ ثمارِها .
كان يظن أنها تُبادله حباً بحب ، و لم يكن يدري ( أن بعضَ الظنِ اثم ) ، فقد كان حبُه لها ليس اثماً عادياً بل تخطاهُ إلى بئرِ الكبائر ، عمدتْ إلى الابتعادِ و التزام كهفِ الصمتِ خوفاً من السقوطِ في هاويةِ عشقٍ محرم .
لم يرتض المذلةَ في عشقِه و انحسار أحاسيسِه في الأحلامِ ، فأصدرَ فرمانَ اغتيالِ حيائها ، و سفكِ براءتِها ، و إهدارِ دمِ إبائها على حبِه . أقامَ أشقاؤها سرادقَ لتَقبُل العزاءِ في بكورةِ الحسناء ، و تقديم مبرراتٍ فيحاءٍ عن مجونِ أبيِهم ، و لا عزاء لأنوثةٍ استفحلت حتى تخطتْ ضميرَ أبٍ فقدَ جماحَ العقلِ في أنشودةِ عقوق .

من المجموعة القصصية حلم / أشهب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.